يأتي هذا التقرير المرحلي الثاني حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بعد قرابة شهر من صدور التقرير المرحلي الأول حول الحقوق المدنية والسياسية خلال الحالة الاستثنائية التي وقع الإعلان عنها يوم 25 جويلية 2021.
وتروم الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية من خلال هذه التقارير المتابعة الدقيقة لوضعية الحقوق والحريات ونشر الانتهاكات الواقعة عليها وتوعية جميع الفاعلين بضرورة اليقظة من أجل التصدي للاعتداءات الحاصلة وضمان عدم العودة إلى مربع الاستبداد.
علاوة على الانتهاكات التي تضمنها التقرير المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، لاحظنا أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لم تكن بأفضل حال حيث شهدت هي الأخرى بصور متفاوتة اعتداءات عديدة من طرف السلطات العمومية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحالة الاستثنائية زادت في هشاشة هذه الحقوق حيث شهدت حرية العمل وحرية الصناعة والتجارة عدة تضييقات عبر منع فئات مهنية واجتماعية من السفر إلى الخارج مما عطل مصالح العديد منها من أجل إنجاز المهام المرتبطة بأنشطتهم الاقتصادية.
كما لاحظنا أن العديد من نواب مجلس الشعب اشتكوا من غياب التغطية الصحية نتيجة إيقاف المنح مما عرض صحة بعضهم/ن إلى الخطر نتيجة رفض الهياكل الصحية قبلوهم/ن بسبب عدم تمتعهم بالتغطية الصحية.
أما بالنسبة للحق في التعليم فلقد أكدت عدة دراسات على أن العودة المدرسية والجامعية كانت كارثية وأسوء من السنوات السابقة وهو ما يمكن أن نعزوه إلى الحالة الاستثنائية التي أدت إلى شلل شبه كلي للعمل الحكومي وإضعاف التنسيق بين مختلف الهياكل العمومية.
ولا يمكن التغاضي أيضا عن الأزمة البيئية التي عانى منها سكان ولاية صفاقس التي لازالت دون والي منذ 4 أوت 2021 وهو ما عمق الوضع البيئي الهش نظرا لعدم القدرة على التصدي بسرعة لحالة الاحتقان.
في المحصلة، وبالرغم من التشبث الظاهري لرئيس الجمهورية على مستوى الخطاب بأفضلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا أن عدم امتلاكه لتصور اقتصادي واجتماعي وثقافي حقيقي وواقعي ينبئ بعودة الاحتجاجات الشعبية لا فقط للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضا بقية الحقوق والحريات التي تظل وحدة مترابطة ومتكاملة ولا يمكن التمتع بإحداها دون التمتع الفعلي ببقية الحريات.