ياسمين نيوز : رضا الزعيبي
عقدت لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام جلسة بعد ظهر يوم الإثنين 15 جوان 2020 خصصتها للاستماع إلى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حول تقريرها السنوي لسنة 2018 وحول متابعة وتقييم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
وبيّن رئيس اللجنة في مستهل الجلسة أن الاستماع يتنزل في إطار العمل المشترك بين اللجنة البرلمانية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والعمل على وضع آليات التنسيق وضبط برنامج عمل متكامل للتوفق في مكافحة هذه الآفة الخطيرة.
واعتبر رئيس الهيئة في بداية تدخله أن الحرب على الفساد هي حاليا أم المعارك ويجب أن تستأثر بكل الجهد، متوجها بعبارات الشكر للجنة على منح الفرصة للتأكيد على استعداد الهيئة للتنسيق في أعمالها مع اللجنة ومشددا على التكامل في الأدوار كأولوية من أجل إنجاح مسار مكافحة الفساد، ومؤكدا أن تكريس سياسات الحوكمة الرشيدة لا يمكن أن يتجسم إلا وفقا للمقاربة التشاركية، ومبينا الحاجة للمشرع في معاضدة مجهودات الهيئة وسعيها لتنقيح بعض القوانين والحث على إصدار الأوامر والنصوص التطبيقية ذات الصبغة الترتيبية.
كما أكّد ضرورة تفكيك منظومة الفساد وبناء مؤسسات الدولة على معايير جديدة تستند لقواعد الحوكمة والمحاسبة والشفافية، معتبرا أن المقاربة التي ترتكز على الاقتصار على محاربة الفاسدين غير كافية لبلوغ الغايات المرجوة، فضلا عن تأكيد الحاجة للتصدي لعقلية الافلات من العقاب . وارتأى أنه لا بد من منهجية شمولية تدمج الأبعاد التربوية والتوعوية في منظومة مكافحة الفساد وتعتمد تشريك الهياكل والوزارات المعنية من ذلك وزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي. كما أوضح أن المنهجية التي تعتمدها الهيئة تقوم على عقد اتفاقيات التعاون والشراكة مع الهياكل الحكومية والوزارات والإدارات العمومية والجماعات المحلية مع الاستئناس بالتجارب المقارنة.
ثم قدم رئيس الهيئة عرضا لملخص تقرير الهيئة لسنة 2018 تضمن الأرقام المفاتيح فيما يتعلق بنشاط الهيئة في التوقّي ومكافحة الفساد، وسعيها لضمان لامركزية تواجدها في الجهات ضمانا لتقريب خدماتها من المواطن. وتم التطرق لحجم ملفات الفساد وتطورها وتوزيعها جغرافيا وقطاعيا، إلى جانب التطرق لجملة من المعطيات المتعلقة بالقيام بواجب التصريح بالمكاسب وبنسب المبلغين على الفساد وتصنيفهم وقرارات الحماية التي أصدرتها الهيئة لفائدتهم وتوزيع الملفات حسب القطاعات المبلغ عنها. وقد تمّت ملاحظة نسبية التفاعل الذي أبدته الهياكل العمومية المعنية مع الهيئة والذي يكشف عن وجود ثلاث أصناف من التفاعل حسب التمييز بين إبداء الرغبة الفعلية في التقدّم في مسار مكافحة الفساد وبين التفاعل النسبي بين الهيئة والهيكل المعني والتفاعل الشكلي معها والذي لا يترجم عن الرغبة الفعلية في الإصلاح.
كما تطرق رئيس الهيئة للتعاون مع القضاء على أساس من الثقة المتبادلة. واستعرض بعض العيّنات لشبهات فساد واستغلال النفوذ التي طالت خاصة الهياكل العمومية، حيث أرجع أسباب تنامي الآفة إلى وجود منظومة كاملة للفساد تسهر عليها لوبيات نافذة، معتبرا أن الثغرة الأكبر في منظومة مكافحة الفساد تكمن في ضعف التنسيق بين الأطراف المتدخلة.
وفي ختام العرض تم التقدم بجملة من التوصيات وأهمها تفعيل دور المجلس الأعلى للتصدي للفساد واسترداد الأموال وممتلكات الدولة والإسراع في إصدار الأوامر التطبيقية المتعلقة بعديد القوانين ذات الصلة بمكافحة الفساد.
إثر ذلك تم تقديم عرض حول "مكافحة الفساد في تونس من الاستراتيجية إلى التفعيل" حيث تم التأكيد على ما تحظى به الاستراتيجية الوطنية من أهمية ومن قيمة مقارنة بالاستراتيجيات المقارنة.
وفي تفاعلهم مع ما تم تقديمه من معطيات ثمن النواب مجهودات الهيئة ودورها في التصدي للاحتكار والمضاربة في ظروف أزمة الجائحة. وتمحورت التدخلات حول تنامي حجم الفساد والحاجة لمحاربته بالجدية اللازمة وبتجنب التعاطي الظرفي والانتقائي مع الملفات. كما تم تأكيد الوعي بصعوبة مكافحة الفساد باعتباره ظاهرة مركّبة ولا تخلو من التعقيد وضرورة اعتماد تمشي يستند إلى الأبعاد الردعية والتوعوية في الآن ذاته مع الحرص على تظافر جانبي التوقي والزجر.
وقد مثل اللقاء مناسبة للتوجه للهيئة بجملة من الاستفسارات شملت التساؤل عن موقفها إزاء عدم نشر القوائم المالية للمؤسسات العمومية باعتبار أهمية قاعدة الافصاح في قانون السلامة المالية. كما طرحت التساؤلات حول برنامج الهيئة في مكافحة الفساد والرشوة في مستوى البلديات، وحول الأشخاص المشمولين بقانون التصريح بالمصالح والمكاسب ومحاربة الاثراء غير المشروع وما تقوم به الهيئة من تدقيق في المعطيات المصرح بها وتحيينها بصفة دورية. وتساءل بعض الأعضاء حول قيام المسؤولين في الجمعيات بواجب التصريح وحول شبهات الفساد التي طالت بعض القطاعات من بينها القطاع الفلاحي ومجال الصفقات العمومية. كما أعرب الأعضاء عن استعدادهم للتدخل في تيسير مهمتها ومعاضدة مجهودها في محاربة الفساد.