jasminsnews - مكافحة الفساد زمن الثورة الرقمية : الرهانات و التحديات

مكافحة الفساد زمن الثورة الرقمية : الرهانات و التحديات

المؤتمر الوطني الخامس لمكافحة الفساد
تحت شعار
مكافحة الفساد زمن الثورة الرقمية : الرهانات و التحديات
الاربعاء 09 ديسمبر 2020 بنزل ريجنسي قمرت
كلمة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد السيّد عماد بوخريص
بسم الله الرحمان الرحيم
السيّدات والسادة الوزراء،
أصحاب السّعادة السفراء وممثّلوا البعثات الدّبلوماسيّة بتونس،
السيدة والسّادة رؤساء الهيئات العمومية المستقلة،
السيدات و السادة الضيوف الأكارم
يشرّفني ويسعدني بادئ ذي بدء أن أتوجّه بالشكر الجزيل لسيادة رئيس الجمهورية على تفضّله بقبول وضع المؤتمر الوطني الخامس لمكافحة الفساد تحت سامي إشرافه والذي يتنزّل في إطار إحياء بلادنا لليوم العالمي لمكافحة الفساد يوم 9 ديسمبر من كلّ سنة،
إنّ تونس التي صادقت على إتّفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ترى في هذا اليوم فرصة متجدّدة لتأكيد عزمها الراسخ على نبذ الفساد والتّصدي له بكلّ الإمكانيات والوسائل المتاحة حسب رؤية شاملة ومتكاملة تضمن ديمومة المسار من منظور مجتمعي قوامه الإنخراط الفعلي للشعب التونسي بكلّ فئاته،
ذلك أن الفساد في معناه الموسع وباء خبيث عنيد عالي الضرر يسبب أمراضا اجتماعية و يعرض التنمية و سيادة القانون للخطر كما أنه يهدد الاستقرار السياسي و السلم الاجتماعي إذ يغذي الإحساس بالضيم والتسلط و الشعور بعدم المساواة في نفوس المواطنين و يسلبهم ثقتهم في سلطة الدولة و عدالتها و قدرات مؤسساتها و يصيبهم بالإحباط و اليأس بل يمكن أن يدفع بهم إلى التطرف وأن يرمي بهم في أحضان الجريمة المنظمة و التهريب و الهجرة غير الشرعية .
السيّدات والسّادة الحضور الأكارم،
يتزامن تنظيم هذا المؤتمر مع تعييني لاستلام الأمانة بكلّ شرف ومسؤولية على رأس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للإنطلاق بها في مرحلة جديدة لا محيد فيها عن الثوابت التي انبنت عليها هذه المؤسسة. ومن أبرزها بالخصوص:
الإلتزام باحترام سيادة القانون و بضرورة إنفاذه على الجميع: فلا حصانة وظيفيّة ولا سياسيّة ولا عائليّة.
نشر الوعي الإجتماعي بمخاطر الفساد لما يمثّله من تهديد للمجتمع وما يتسبّب فيه من خسائر على جميع المستويات
العمل على دفع التونسيين للانخراط الحقيقي في الحرب ضدّ هذا الوباء الفتّاك الذي يعد من أكبر المعضلات في واقعنا المعيش ولا يزال فيه شعار مكافحة الفساد سّمة بارزة للحراك الاجتماعي.
وقد أصبح الفساد في بلادنا معيارا للانتقاء في فضاء سياسي تعدّدي و أصبحت تقاس على أساسه مصداقيّة القائمين على الشأن العامّ.
وترى الهيئة في الخطّة التواصلية التي وضعتها قوّة دفع في اتجاه بلوغ أهدافها مدعومة في ذلك بشراكة فعّالة وفاعلة مع الإعلام بعيدا عن هاجس السبق والمجادلة، وتتميز هذه الخطّة بالتجديد شكلا ومضمونا لمختلف المحامل الإتّصاليّة المستغلة من قبل الهيئة من خلال:
وضع خط تحريري و ميثاق للإذاعة التابعة للهيئة التي تبث على شبكة الإنترنات " راديو نزاهة" ،
إصدار نشرية أسبوعية قصد إطلاع العموم على أبرز أنشطة الهيئة
تجديد موقع واب الخاصّ بالهيئة لجعله تفاعليا
تطوير الموقع الخاصّ براديو نزاهة.
اعتماد سياسة القرب : اعتبارا لكون الفساد لا يقتصر على جهة معينة رغم حجم هذه الظاهرة في كبرى المدن (بحكم الثقل الإقتصادي وما يرتبط بذلك من مصالح و مطامع) و لا تنفرد به فئة أو مجموعة ،فإن الهيئة تسعى إلى التركيز على جميع مكاتبها الجهوية في مختلف الولايات حتى تصبح نقاط إشعاع في محيطها و تسهم بنجاعة و فاعلية في محاربة آفة الفساد و تكريس ثقافة الحوكمة الرشيدة و النزاهة و المساءلة.
ضيوفنا الأكارم
لا يمكن للمجهود الوطني أن يكتسب النجاعة وأن يتجلّى أثره إلاّ بالفعل , الفعل الجاد و المسؤول و المستدام الذي يتطلّب إرادة سياسية واضحة وثابتة وتفاعلا من كلّ الجهات والأطراف المتدخّلة بالسّرعة المطلوبة حتى يكون لمحاسبة أباطرة الفساد ولتتبعهم وقعا يدوّي صداه لدى الرأي العام ويحدّ من استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب، هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تقوّض كلّ الجهود المبذولة وتعدّ سببا مباشرا في استمرار تفشّي الفساد وتطوّر شبكاته وتنوّع جرائمه وتشعّبها و اتساع رقعته.
إنّ مكافحة الفساد في بلادنا وتفكيك منظومته رهان وجب كسبه باعتباره من السّبل الكفيلة بإنجاح المسار الديمقراطي وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة في توزيع الثروة وإرساء دعائم السلم الاجتماعي ودفع التنمية.
وفي هذا السياق فإنّ الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد تؤمن بضرورة الإنفتاح على محيطها الوطني وتظافر الجهود والتّعاون والتنسيق والتشبيك بما تتيحه لها أدوات التكنولوجيا الحديثة، والاستثمار في ربح الوقت والقدرة على مسابقة الفعل الفاسد والتّصدي له وذلك في إطار شراكات هادفة وواضحة المعالم في القطاعين العامّ والخاصّ تنجز في إطار مخطّطات عمل موزّعة في الزّمن وتخضع للمتابعة والتقييم واستخلاص الدّروس المستفادة والتعديل والتّصحيح كلّما اقتضى الأمر ذلك.
هذا ونقدر أن يكون للمجتمع المدني حضور فعلي مفعّل على أرض الواقع في خارطة الشراكات مع الهيئة اعتبارا لما يتميّز به من استعداد والتزام وقوّة انتشار وقرب من مختلف فئات المجتمع.
وعلى الصعيد الدولي تحرص الهيئة على تعزيز وتطوير علاقات التّعاون مع نظيراتها في البلدان الشقيقة والصديقة ومع المنظمات الدوليّة والشركاء الماليين والتقنيين من كلّ أصقاع العالم للاستئناس بالتجارب المقارنة والنهل من الممارسات الفضلى في كلّ ما له صلة بمجالات عملها واختصاصها .
السيّدات والسّادة الحضور الأكارم
إنّ الفساد اتخذ في الوقت الراهن شكل تنظيم إجرامي مهيكل عابر للحدود يهدد المنظومة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و القيمية و ما انفك يتقوى باستمرار متحديا الجهود الدولية الرامية إلى محاربته مرتكزا على ما توفره التكنولوجيا الرقمية الحديثة من آليات لا محدودة و عليه فإن مكافحته تكون حتما بنفس الآليات و نحرص في الإطار على أن نكسب بلادنا المقوّمات الضرورية لمكافحة الفساد والتوقّي منه.
ويتنزّل اختيارنا التّحاور والنّقاش في هذا المؤتمر حول "تحدّيات ورهانات مكافحة الفساد زمن الثورة الرقميّة" في إطار انخراط الهيئة في هذا المسار وعيا منها بما يتطلبه ذلك من أدوات وإمكانيات وبناء للقدرات بما يتماشى ومواصفات العمل في محيط تحكمه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي و وعيا منها بما يشكّله هذا المسار من مخاطر قد ترقى إلى المساس بالسيادة الوطنية و خاصة منها السيادة الرقمية.
السيّدات والسّادة الحضور الأكارم،
بين فيروس الكورونا و وباء الفساد أكثر من وجه شبه ، كلاهما عدو خفيّ وخطير وسريع الانتشار، فالأوّل ينخر الجسم والثاني يهدم و يقوض أركان الدولة و العلاقات الاجتماعية.،و مثله مثل فيروس الكوفيد لا يعترف بالحدود ولا بالأديان ولا بالطبقيّة ولا بالجنس.
وتبقى طريقة مقاومتهما واحدة، الوعي بمخاطرهما وضرورة التوقّي منهما بتعبئة كلّ الطّاقات حسب منهج تشاركي وخاصّة "المحافظة على نظافة اليد" و أقوم السبل للحماية من وباء الفساد هو التلقيح أي التوقي منه و الوقاية من كل آفة – حقيقة ثابتة أزلية – خير من العلاج . و التلقيح ضد هذا الوباء اللعين هو الثقافة في كل معانيها و تجلياتها باعتبارها المحرك الأجدى و الأكثر فعالية للنهوض بوعي المواطن و جعله الصد التلقائي المنيع ضد جميع أنواع الفساد.
فمثلما هبّ العالم كالرّجل الواحد للبحث عن لقاح ضدّ فيروس كورونا توجبت هبّة دوليّة لا تقيّدها حدود المكان للتصدّي للفساد .
ضيوفنا الأكارم
ضمانا للجدوى من أشغال مؤتمرنا هذا الذي ينعقد في ظروف إستثنائية معلومة من الجميع نحرص على توجيه نتائج أعمالنا نحو التوصيات التاليّة.
السعي إلى خلق وعي وطني جماعي بالفرص المتاحة وبالتهديدات والمخاطر في علاقة بالثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي،
إكساب تونس الريادة في الدفاع عن الأخلاقيات الرقمية خدمة للإنسانية ولمصلحة الدول النّامية،
الدفع نحو تبني اختيارات مجدية في مجال البيئة الرقمية،
إحداث قاعدة البيانات الوطنية الضخمة "BIG DATA NATIONAL " وضبط حدود المجال السيبرني،
استحثاث نسق تشبيك قواعد البيانات الوطنية بما يمكن من تقاسم المعلومة و وضعها على ذمة صناع القرار و لتيسير اضطلاع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بدورها على أحسن وجه في التصدي للجرائم الاقتصادية
مزيد دعم الرقمنة digitalisation وتعميم قواعد البيانات الضخمة و تطبيقاتها ،
إحداث محاضن ومخابر رقمية للإحاطة بالمؤسسات وتعميم الثقافة الرقمية،
تطوير مدننا التونسية وفق معايير ومتطلبات المدن الذكية (Smart Cities)،
و في الختام أود أن أجدد الترحيب بكم مع تمنياتي لمؤتمرنا بالنجاح والتوفيق.
والسلام.
متابعة د.فضيلة بوخريص.
قراءة 622 مرات
الدخول للتعليق
اشترك في نشرتنا الإخبارية
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…