jasminsnews - يصدر مركز كارتر تقريره النهائي حول الانتخابات التونسية لسنة 2019 ويحث البرلمان على إرساء هيئات مستقلة دائمة

يصدر مركز كارتر تقريره النهائي حول الانتخابات التونسية لسنة 2019 ويحث البرلمان على إرساء هيئات مستقلة دائمة

تونس في (30 جوان 2020) - أصدر مركز كارتر تقريره النهائي حول انتخابات سنة 2019 هذا الأسبوع، وسلّط فيه الضوء على قدرة الشعب التونسي على تجاوز التحديات التي طرحتها الظروف السياسية والجهد الملحوظ الذي بذلته الهيئة المشرفة على الانتخابات لتنظيم انتخابات ذات مصداقية في إطار زمني مضغوط إثر وفاة الرئيس وهو في منصبه.

ويحثّ المركز البرلمان الان على اتخاذ خطوات فورية لإرساء المحكمة الدستوريّة والهيئات الدستورية المستقلة.

وقد أبرز اندلاع جائحة كوفيد-19 أهمية وجود هذه الهيئات فقد يكون الوباء مبرّرا لاعتماد تدابير استثنائية وإعطاء السلطة لرئيس الوزراء لإصدار مراسيم، ولكن الطريقة التي تم بها اتخاذ هذا القرار لم يكن فيها تعزيز لسيادة القانون ومن شانها أن تقوض شرعية أي إجراء يتم اتخاذه بموجب هذه التدابير (التي تم إلغاؤها في 3 جوان). لقد زاد غياب المحكمة الدستورية من هذا الغموض القانوني، اذ انّه في غياب المحكمة لم يكن للأطراف المعنية أي سبيل للطعن في الإجراء المتّبع في اعتماد هذ التدابير.

وقد برزت كذلك الحاجة إلى وجود محكمة دستورية يوم 6 ماي، عندما قامت اللجنة البرلمانية المعنية بالنظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية باعتماد التعديل المقترح على الفصل 45 من النظام الداخلي للبرلمان الذي يعاقب بشدّة "السياحة البرلمانية أو الحزبية. " تنصّ النسخة النهائية من التعديل على أنه "اذا استقال عضو مجلس النواب من الحزب او القائمة او الائتلاف الانتخابي الذي ترشح تحت اسمه او الكتلة التي انضم اليها فانه يفقد أليّا عضويته في المجلس. ويؤول الشغور في كلّ ذلك الى الجهة التي استقال منها. "  

وعلى الرغم من أنه لم يتمّ بعدُ النظر في هذا التعديل في جلسة عامة، فقد أثار العديد من الأحزاب والباحثين في القانون تساؤلات حول دستوريته وبالإضافة إلى ذلك، ليس واضحا ما إذا كان يمكن تحقيق مثل هذا التغيير الكبير من خلال تعديل القواعد الإجرائية بدلاً من تعديل القانون الانتخابي أو الدستور نفسه. في غياب محكمة دستورية فاعلة، ينعدم وجود هيكل شرعي يسمح بحلّ مثل هذه القضايا.

سعيا لاحترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور التونسي لسنة 2014 بشكل تامّ، يشجّع مركز كارتر البرلمان على العمل في حدود القواعد والقوانين القائمة واتخاذ خطى عاجلة لتسمية أعضاء المحكمة الدستورية واعتماد ما يلزم من تشريعات لدعم إرساء الهيئات الدستورية المستقلة الخمسة التي أحدثها الدستور وتفعيلها. وتشمل هذه الهيئات، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري والهيئة الوطنية الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة.

لم يجعل البرلمان من إرساء هذه المؤسسات أولى أولويّاته، وهو يواصل المماطلة في اتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل عملها. فعلى سبيل المثال، تقوم لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجيّة بالنّظر في تنقيح المرسوم المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا). وقد ادان مجلس الهايكا و16 منظمة من منظمات المجتمع المدني هذا التعديل المقترح على أساس أنّ فيه محاولة للسيطرة على قطاع الإعلام. كما انتقد العديد من وسائل الإعلام والصحفيين مشروع هذا القانون. ويشجع مركز كارتر المشرعين على إعطاء الاولوية الى وضع الإطار التشريعي المنظّم للهيكل الذي سيحلّ محلّ الهايكا بدلا من تعديل المرسوم الراهن بغية الابقاء على الهايكا وتمديد ولايتها بما أنّها معنيّة لتكون هيئة وقتيّة.

 

التقرير النّهائي

قيّم التقرير النهائي الذي أصدره مركز كارتر العمليات الانتخابية الثلاث على انّها كانت منتظمة وسلمية مع وجود سوى بضع المخالفات الطفيفة. ونظمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حملة تسجيل ناجحة توّجت بتسجيل 1,455,898 ناخبا جديدا. واتسمت عملية تسجيل الناخبين من طرف الادارة المشرفة على الانتخابات بالمهنية والنجاعة.

ولكن وجد المركز أن انتخابات 2019 تخلّلها نقص في الشفافية عموما من جانب السلطات الانتخابية وغيرها من المؤسسات. بالإضافة إلى ذلك، شابت العملية الانتخابية محاولات حدثت في اللحظات الأخيرة لتقييد الحق في الترشح للانتخابات الرئاسية، وسجن أحد المرشحين بتهم جار التحقيق فيها منذ سنة 2016، الأمر الذي اثار تساؤلات حول وجود تدخل سياسي في النظام القضائي.

يحثّ التقرير السلطات الانتخابية والأحزاب السياسية على منح الاولوية لإصلاح النظام الانتخابي والعمل سويّا على تنفيذ التّغييرات اللازمة للعملية الانتخابية استنادا إلى الدروس المستفادة من انتخابات سنة 2019 وعلى توصيات ملاحظي الانتخابات المحليين والدوليين. ويظلّ مركز كارتر على استعداد للعمل مع البرلمان والسلطات الانتخابية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية في هذا الخصوص.

وفيما يلي بعض التوصيات الرئيسية التي وردت في التقرير النهائي للمركز:

1.على الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أن تعتمد أكبر قدر من الشفافية في جميع جوانب نشاطها، بما في ذلك عن طريق نشر نتائج التّصويت داخل المجلس وتعليل القرارات المتخذة؛ وكذلك نشر المعلومات على الموقع الإلكتروني للهيئة في الوقت المناسب، بما في ذلك محاضر الاجتماعات؛ إضافة إلى شرح سير عمليّة التّثبّت من التزكيات،  وأسباب رفض ملفّات التّرشح ؛ و كذلك الإبلاغ علنا عن المعلومات التي جمعها مراقبو الهيئة حول الانتهاكات التي تمّ رصدها أثناء الحملة ، بما في ذلك تلك التي أعلم عنها أولئك الذين يراقبون وسائل التّواصل الاجتماعي.

2.على الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أن تتواصل مع إدارات وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة فايسبوك، وذلك قبل أن تبدأ الدورة الانتخابية القادمة من خلال ارساء علاقة لتبادل المعلومات المتعلقة بأرشفة مناسبة لرصيد الإعلانات المرتبطة بتونس؛ والتّوجّه إلى احترام القانون الانتخابي التونسي فيما يتعلّق بفترات الصمت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية؛ والاتفاق على آليّة تسمح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنفاذ إلى المعلومات حول عدد وتكاليف الإعلانات السّياسية وبنشرها.

3.على البرلمان أن يقوم بصياغة وإقرار قانون متعلّق بضبط مقاييس تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد مقاعدها باعتماد أحدث بيانات التعداد السكاني المتاحة من أجل الاحترام الكامل لمبدأ المساواة في التصويت من خلال معالجة الفجوة الواسعة بين الحاصل الانتخابي الذي يمكّن من الحصول على مقاعد في الدوائر الانتخابية صغيرة الحجم وذلك الذي يخوّله في الدوائر الانتخابية كبيرة الحجم.

4.على البرلمان اتخاذ خطى مستعجلة لانتخاب باقي أعضاء المحكمة الدستورية واعتماد الإطار القانوني الضّروري لعمل كافة الهيئات المستقلة التي أحدثها الدّستور وتعيين أعضاءها

5.على المحكمة أن تتحلّى بأكبر قدر من الشفافية في نشر الشكاوى والأحكام المتعلّقة بالمادة الانتخابية لتعزيز ثقة العموم في القضاء وضمان الحق في الانتصاف الفعّال.

6.يجدر أن تكثّف كل ّ من الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية من جهودها في تثقيف الناخبين، وخاصة منهم المنتمون الى الفئات المهمّشة، وذلك من أجل دعم إقبالهم على المشاركة في التصويت. 

 

 
قراءة 934 مرات
الدخول للتعليق
اشترك في نشرتنا الإخبارية
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…