كانوا بيننا، سرقتهم المنية فجأة لكنهم باقون في قلوب محبيهم ومحبي السينما، كانوا بيننا وان رحلت أجسادهم فأعمالهم السينمائية ستظل راسخة شامخة تذكر جيل اليوم والغد أن هناك تونسيين أبدعوا في السينما، تونسيين تميزوا وتألقوا وحين خطفتهم المنية ظلت أسماءهم مكتوبة بأحرف من حبّ في بوابة السينما التونسية والعربية والعالمية.
كانوا بيننا هو تكريم لمبدعين غادرونا، تكريم مختلف طغت عليه الصورة السينمائية فمن خلال السينما كرّمت أيام قرطاج السينمائية أفضل التقنيين وأنجزت أفلاما قصيرة تقدم القليل من منجزات كثيرة لأولئك المبدعين.
في قاعة عمار الخليفي اجتمعت العائلات، طغت مشاعر الحزن والفخر، عبرات ودموع كانت وسيلة البعض للتعبير عن وجع فقدان عزيز، في القاعة اجتمع محبي السينما ليكرموا بالورود أرواح أترابهم وزملاء المهنة والحلم.
"من الذي سيقول لي يا سلمى كان يومنا جميل، من سيسكن غضبي أثناء التصوير، من سيحل مكان أفضل تقنيي الإضاءة في السينما التونسية" بكل الحب والوجع تحدثت سلمى بكار عن فقيد الإضاءة السينمائية لطفي سيالة الذي توفي في مارس 2020 وهو من امهر تقني الإضاءة في تونس واشتغل في العديد من الافلام التونسية وهو تلميذ المدرسة الايطالية، لطفي سيالة غادر محبيه وترك خلفه الكثير من الأفلام منها "حرب النجوم" و"موسم الرجال" لمفيدة التلاتلي وترك ارشيفا لو تمّ تدوينه لعرف محبي السينما مدونة السينما التونسية من الناحية التقنية.
كان صاحب ابتسامة مميزة، "اشتغل مع في كل تجاربي وافلامي، اعتقد ان غيابه صعب جدا" بهذه الكلمات وصف المخرج فاضل الجزيري تقني الصوت الراال فوزي ثابت، اذ كان من اهم تقني الصوت في السينما التونسية والمغربية وكرم في المهرجان الوطني في المغرب وفاز بجائزة افضل تقني، درس الهندسة الصوتية في بروكسيل وعمل غفي أكثر من ستين فيلم وترك بصمته العجيبة في كل الأعمال فهو العاشق الشغوف بالصوت وجماليته.
"علمنا النقد، احببنا معه السينما بطريقة غير مباشرة، كان تلميذ الوالد ومن المقربين منه، ذكي ومحب للسينما" هكذا وصف المدير العام لايام قرطاج السينمائية رضا الباهي الراحل مصطفى نقبوا، نقبوا كان عاشقا للسينما، ابن القيروان عشق السينما الروسية عمل معلم ثم محام وحافظ على شغفه بالفن السابع، حوّل احلامه الى الكتابة واصدر اول مجلة مختصة في السينما "حجا" وتحمل اسم اول شريط سينمائي تونسي، مصطفى نقبوا احب السينما واعطاها الكثير فخلدته كتابة وخلدت ذكراه تسكن قلوب محبيه.
"تعرفه أروقة مخابر قمرت، كان مبدعا ومن أوائل التقنيين في الساتباك، الراحل شريف بوسنينة كان بيننا وسبق وإن أشرف على القسم التقني في الشركة التونسية للإنتاج والتنمية السينمائية التي ساهمت بشكل كبير في ازدهار السينما وتطورها واستقلاليتها وكان له دور كبير في إشعاع أيام قرطاج السينمائية.
مبدع آخر غادرنا هذا العام، حسين الصوفي من أوائل المنتجين في السينما في التونسية انطلقت تجربته مع حمودة بن حليمة في "خليفة الاقرع" و"رسائل من سجنان" لعبد اللطيف بن عمار وعمل في التنسيق المخبري وتنفيذ الإنتاج مع الشركة التونسية للإنتاج والتنمية قبل التفرغ للإنتاج كمدير للإنتاج في شركة "كارتاغو فيلم" وعمل مع كبار المخرجين على غرار "رومان بولانسكي" و"ستيفين سبيليبيرغ"، كان بيننا وترك في محبيه الكثير من اللهفة لإنتاج سينما تحترم عقل المشاهد.
آخر المكرمين هو محمد علي الشريف أو "علولو" كما يناديه أصدقائه، آخر من غادرنا في أكتوبر 2020، الشريف عمل موظبا في أفلام "حميدة بن عمار" و"خالد عبد الوهاب" وخاض حربه لأجل تحقيق أحلامه، فنان صنع مجده بالكثير من الحب والمثابرة، إلى جانب عشقه للسينما ساهم في الحفاظ على الذاكرة التشكيلية التونسية بتجميعه للعديد من الأعمال النادرة لعمار فرحات وزبير التركي وابراهيم الضحاك ليرحل تاركا إرثا سينمائيا وفنيا في حجم حب علولو الشريف لفنه ووطنه.