jasminsnews - مطيات صورة المراة في النص الشعري المعاصر..

مطيات صورة المراة في النص الشعري المعاصر..

نمطيات صورة المراة في النص الشعري المعاصر..
فيروز مخول*
تنوعت صورة المرأة في النص الشعري، وحكماً لا تستطيع هذه المادة ان تمنح الموضوع الصورة الكاملة، فرسم صورة المرأة شعرياً او سماتها داخل النص الشعري، وتناول واقع تصويرها وخيالات الشعر في تجنيحها او أسطرتها (من الاسطورة) من جهة تعدد تصويرها وتنويعات رسمها في افاق الشعر المفتوحة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تنوع هذه الصورة زمانياً عبر عهود وعصور ربما يمكننا ضم" الادب الميثولوجي"كبداية تشكل صورة المرأة في الأدب أو في الشعر وقصائد الادب في المرحلة التي سبقت الأسلام وفيما بعده في العهدين الاأموي والعباسي، ولاحقاً الأندلسي وصولاً للعهد العثماني ومرحلة التأثر بالاداب الاجنبية خلال القرن العشرين و مابعده، وأعتقد ان تناول القضية بهذا الأتساع والزخم سيكون من شأنه توضيح سمات ملامح وصورة المرأة، وبالتالي واقع المرأة في الشعر العربي.
لكننا نود ان نلتفت إلى صورتها في نصوص الشعر المعاصر.. النص الحداثوي الذي تباينت رؤاه بين المراة الجسد، الأنثى الرغبة و الشهوة العارمة الى المرأة الأله، كرمزية للخلق و الخصوبة و تجدد الحياة بالأستناد إلى تاريخ عميق من الأساطير والميثولوجيات وممارسة التناص الديني او الميثالوجي، ونجدها في بعض النصوص في صورة جندرية تصرخ رافعة لواء قضية مساواتها في اتجاه حق المرأة في أن تعيش وتحب وتمارس حريتها بكل عفوية وبعيداً عن اتهامات الأخر لها بالميوعة أو الأنحلال الأخلاقي، وبعيداً عن اي أستهتار أخلاقي نجدها في صورة الوطن او المكان او تداعيات ذاكرة جمعية تنزف قيم مكانية تبرزها كعمود للبيت وسند للعائلة، فتتحول الى رابطة امرأة مكافحة تضمد جراحات افراد المجتمع وصولاً لتضميد جراح الشاعر ذاته فيجدها مصدر الهام ومنبع للموسيقا و غيمة ماطرة تنبت العشب على صدره و تطفأ عطشه، او هي الشجرة التي يستظل بأفيائها ويسند ظهره المتعب على جذعها القوي، ليخرج من خاصرتها كالبرق او لتكون صورة لشرنقة تبعث الحياة من جديد لتحلق في سماء استيهامية كفراشة نحو لهيب يصر على حرقها وسط تمركزات وإعادات إلى التاريخ الإنساني السحيق مستلهماً بنيتها من الألهة الأنثى في النص الديني المقدس أو الاسطوري الذي مازالت نوافذه مشرعة نحو الخيال فمن شهوة مقرونة باليأس والحرمان والأنتهاك الجسدي إلى صور اللوعة والوجع، ضمن حالات السعادة والتعاسة هيمنت المرأة على قلوب وفكر الشعراء، فأطلقوا العنان لخيالاتهم يرسمون صوراً خالدة في سجلات تاريخ الشعر.
فالشعر الحديث ساهم بتشكيلات ورسم صورة المراة وتتبع عناصر الوعي الاخلاقي والجمالي والروحي والجسدي إلى درجة أننا لا نستطيع العثور على نص شعري دون ان نعثر على صورة للمرأة سواءً كانت صورة نمطية او صورة لمرأة رافضة لكل انوثتها، امرأة احتكت بالواقع، ووعت ذاتها، صورة لم تعد تعمد إلى ترسيخ فكرة اللذة والألم في قالب مرضي وانما في صورة انسانة واعية تمتلك مفاتيح الحلول لمشاكل هذا العالم الذي يتخبط في فوضى عارمة، ولعل الشعر المعاصر وخلال حقبة العقود الأربعة الماضية أستطاع أن يمنحنا الانعكاس والأختزال لسمات وخطابات متنوعة تبين ملامح صورة المرأة وواقع المرأة وكأن الأدب او الشعر خاصة مرآة عاكسة للمجتمع ولدواخل الشاعر فتعكس أثير الجمال وتنثر من حقل الشعر أريج الحياة وتمنح الأرض خضرة وترسم في فضاء الشعر قوس قزح متنوع الصور و الرؤى، وتبرز ليس ضعف المرأة المستكينة وانما قوتها وصبرها وهيمنتها على تاريخ الشعر من البدايات و إلى اليوم، وسيكون للمستقبل أيضاً هيمنة المرأة على النص الشعري في حركة فرضها إيقاع التاريخ، حركة ستستمر مشبعة بعناصر متجذرة في الشعر و الادب إلى سرمدية لا تقف عند حد، مفتوحة على افق لا متناه من الوعي والجمال.
 
*فيروز مخول :كاتبة وشاعرة سورية مغتربة تقيم بمملكة السويد، تكتب وتنشر في عدة صحف ومجلات عربية، لتعمل في عدة جمعيات اجتماعية وادبية شاركت في عدة منتديات دولية، صدر لها خمسة كتب شعرية، وتعمل حالياً في أنجاز كتاب نقدي حول نصوص الهايكو عربياً..
قراءة 408 مرات
الدخول للتعليق
اشترك في نشرتنا الإخبارية
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…