قرر تنظيم الدورة الثالثة لمهرجان راست أنجلة للموسيقى البديلة من 22 إلى 25 أوت 2019 بعد أن تم تأجيلها في شهر جوان الماضي حيث كان من المفترض أن تقام هذه الدورة من 27 إلى 30 جوان إلا أنها تأجلت بسبب تزامن موعد انطلاقها مع العملية الإرهابية التي جدت يوم الخميس 27 جوان الماضي وسط تونس العاصمة. ولتسليط الضوء على البرنامج المعدّل لهذه الدورة عقدت لجنة التنظيم لقاء صحفيا ظهر الخميس بمدينة بنزرت تم خلاله تسليط الضوء على مختلف فقرات المهرجان الذي يمتد على أربعة أيام ويراوح بين العروض الموسيقية متنوعة الأنماط، والكرنفال وأنشطة أخرى تسجل حضورها لأول مرة في برمجة التظاهرة منها التخييم ورياضة التجوال (مشي لمسافات طويلة) في الطبيعة.
وتتوزع فقرات المهرجان بين بنزرت المدينة ومنطقة راس أنجلة التابعة لولاية بنزرت والتي تمثل أعلى نقطة في افريقيا وتتميز بسحر الطبيعة حيث تجمع بين خضرة الجبال وزرقة السماء واتساع شاطئ البحر. وتنطلق فعاليات الدورة يوم 22 أوت بعرض « زي » لصابرين الجنحاني بفضاء مارينا بنزرت ابتداء من السابعة مساء يليه في اليوم الموالي ابتداء من السادسة مساء كرنفال موسيقي يجوب شوارع المدينة انطلاقا من سيدي سالم وصولا الى ساحة مرسى الميناء القديم وسيكون الكرنفال متبوعا بعرضين موسيقيين لكل من مجموعة « طرق » من تونس والمجموعة الجزائرية « افريقيا سبيريت ».
ويجمع الكرنفال ثلة من الشبان الناشطين في عدة فضاءات منها نادي المسرح بفضاء الماجستيك ونشطاء أيضا من دار الثقافة الشيخ ادريس والمركب الشبابي بجرزونة ودار الشباب 15 أكتوبر وقد تم الاستعداد له من خلال ورشة تدريب اقيمت منذ أشهر ودامت خمسة أيام وأشرف عليها مؤطران من الجزائر بحسب ما أوضحه المدير الفني للمهرجان الفنان الموسيقي محمد لطفي الغربي، مدير مدرسة الزهراء للموسيقى أحد الأطراف المنظمة للمهرجان. ويتابع الجمهور في الفضاء الطلق أيضا بساحة الميناء القديم يوم 24 أوت عرض سطمبالي لبلحسن ميهوب وعرض الشاوية لنضال اليحياوي. ويقع تركيز مخيم مساء اليوم ذاته بمنطقة راس انجلة وتحديدا في منطقة الغيران أو ما يعرف بالشاطئ الكبير وستقدم مجموعة جيل بنزرت بالمناسبة عرضا موسيقيا لفائدة من اختاروا المشاركة في التخييم من مختلف الولايات. ويفسح المجال في اليوم الرابع والاخير لرياضة المشي في الطبيعة ابتداء من الثامنة صباحا بفضاء التخييم براس انجلة وستقدم مجموعة ميعاد من القصرين بالمناسبة عرضا موسيقيا على شاطئ البحر. ويسدل الستار على فعاليات التظاهرة في اليوم ذاته بعرضين لكل من مجموعة « فروم سولز » ومجموعة « ايتيما » بالمرسى القديم ابتداء من السابعة مساء على أن يكون الاختتام الرسمي على الساعة العاشرة ليلا بأحد نزل بنزرت المدينة. وأكد الناشط محمد بركاتي عضو لجنة التنظيم ورئيس جمعية « ضجة » الشريك في تنظيم المهرجان، على توفير الحماية اللازمة والظروف الامنية الملائمة للسهر على راحة كل المشاركين في المخيم مشيرا الى حضور ممثلين عن السلطات الامنية وكذلك الكشافة التونسية والهلال الأحمر التونسي وغيرهم. ومن جانبه أعرب ضياء الفالحي المسؤول عن البرمجة وصاحب الفضاء الثقافي « الماجستيك » الشريك في تنظيم المهرجان، عن اعتزازه بأن المهرجان حظي بدعم مشروع « تفنن » تونس المبدعة الممول من قبل الاتحاد الاوروبي خاصة وقد تم اختيار المهرجان لدعمه من بين ستين مشروعا تم تقديم ترشحه للفوز بالدعم، لكنه أعرب في المقابل عن أسفه الشديد لعدم اهتمام المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بهذه التظاهرة وعدم دعمها رغم انها كانت شريكا في التنظيم في الدورتين الماضيتين وفق قوله،
معربا بمرارة عن غياب التواصل الاداري في اشارة الى انقطاع الدعم مع تغير المسؤولين عن المؤسسات. وافاد في السياق ذاته ان ميزانية المهرجان تبلغ في دورتها الحالية قرابة 220 الف دينار (بعد أن كانت في حدود 60 الف العام الماضي) وقد وفر مشروع تفنن نحو 150 الف دينار وحصلت لجنة التنظيم على بعض الدعم من مستشهرين في الجهة وشركاء في التنظيم الا أن صعوبات لاتزال قائمة خاصة وأن تأجيل المهرجان يوم انطلاقه المفترض تسبب في خسائر جمة بلغت نحو 27 الف دينار فضلا عن الخسائر الاخرى المتمثلة في بطلان بعض العروض الأجنبية على غرار حفل لمجموعة من بلجيكيا والبينين تعذر على أفرادها التفرغ في الموعد الجديد للمهرجان.
وعن تزامن موعد تنظيم المهرجان مع مهرجان بنزرت الدولي أحد الشركاء الداعمين له، بين أن الدورة الثالثة تأجلت أكثر من مرة حيث كان من المفروض ان تقام في شهر أفريل حتى تكون متباعدة زمنيا مع المهرجان الصيفي إلا أن سوء الأحوال الشخصية (باعتبار ان العروض تقام في الهواء الطلق) وغياب الدعم المادي اللازم حالا دون ذلك فتم تاخير الدورة الى شهر جوان ومن ثمة الى شهر أوت فحصل هذا التزامن بين التظاهرتين. وشدد على أن « راست انجلة للموسيقى البديلة » ليس مجرد تظاهرة تستمر بضعة أيام بل هو مهرجان فني موسيقي ثقافي، هو « حلم » بدأ في التحقق من خلال المساهمة في خلق ديناميكية اقتصادية في بنزرت فضلا عن الحركية الثقافية معتبرا ان الدورة الثالثة بما مرت به من صعوبات في التنظيم واضافة لفقرات جديدة، تعد دورة نموذجية داعيا الشباب الى الالتحاق بالفضاءات العامة لمتابعة العروض الموسيقية والفنية المفتوحة مجانا وداعيا السلطات إلى الالتفات إلى مثل هذه التظاهرات الثقافية الجادة ودعمها حتى لا يكون الحديث عن اللامركزية الثقافية مجرد شعارات فضفاضة.