jasminsnews - الهجرة النبوية وصناعة الأمل

الهجرة النبوية وصناعة الأمل

الهجرة النبوية وصناعة الأمل
من عبرات ودروس الهجرة النبوية التي نحتفي بذكراها كل عام: صناعة الأمل؛ الأملُ في موعود الله، الأمل في نصر الله، الأمل في مستقبل مشرق، الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
مرة أخرى يصنع الأمل في حادثة سراقة، ولا يلتفت سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سراقة، ولا يبالي به وكأن شيئًا لم يكن، يقول له أبو بكر يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فيقول له مقالته الأولى ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ التوبة: 40.
لقد اصطنع الأمل في الله ونصره فنصره الله وساخت قدما فرس سراقة فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء كالدخان فأدرك سراقة أنهم ممنوعون منه وجاء النصر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب الشر وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.
وما أحوجنا ونحن في هذا الزمان إلى تعلم فن صناعة الأمل فمن يدرى ربما كانت هذه المصائب باباً إلى خير مجهول ورب محنة في طيها منحة أوليس قد قال الله:عزّ اسمه: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ البقرة: 216.
إنّ اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ يوسف: 87.
قال عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أكبر الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله".
وقد قال تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:40)
ومن العجيب أنّ هذه الآية نزلت في أحداث غزوة تبوك في العام التاسع للهجرة، أي بعد تسع سنوات من الهجرة النبوية المباركة.
والمعنى: {إِلا تَنْصُرُوهُ} أَيْ: تَنْصُرُوا رَسُولَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ وَكَافِيهِ وَحَافِظُهُ، كَمَا تَوَلَّى نَصْرَهُ {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ]} أَيْ: عَامَ الْهِجْرَةِ، لَمَّا هَمَّ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ نَفْيِهِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ هَارِبًا صُحْبَةَ صدِّيقه وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَلَجَأَ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَرْجِعَ الطَّلَبُ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ، ثُمَّ يَسِيرَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَجْزَعُ أَنْ يَطَّلع عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، فَيَخْلُصَ إِلَى الرَّسُولِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُمْ أَذًى، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَكِّنه ويَثبِّته وَيَقُولُ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"،
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أَيْ: تَأْيِيدَهُ وَنَصْرَهُ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الرَّسُولِ فِي أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: وَقِيلَ: عَلَى أَبِي بَكْرٍ، {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} أَيِ: الْمَلَائِكَةِ، {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} أَيْ: فِي انْتِقَامِهِ وَانْتِصَارِهِ، مَنِيعُ الْجَنَابِ، لَا يُضام مَنْ لَاذَ بِبَابِهِ، وَاحْتَمَى بِالتَّمَسُّكِ بِخِطَابِهِ، {حَكِيمٌ} في أقواله وأفعاله. (تفسير القرآن العظيم لابن كثير).
اذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحيب
ولم تر لانكشاف الضر وجها
ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت
فموصول بها الفرج القريب
كل عام وأنتم بخير ..وأمل
سليم ابن الشيخ
قراءة 260 مرات
الدخول للتعليق
اشترك في نشرتنا الإخبارية
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…