استطاع المخرج التونسي الموهوب حافظ خليفة ان يصنع الفرجة المسرحية ويحقق حلم آهالي الجنوب ويدخل الفرحة المرتقبة لآلاف الجماهير المتعطشة للفن و للثقافة بقرية الصابرية بالجنوب التونسي بولاية قبلي تحديدا وذلك من خلال تأسيسه لأول مهرجان مسرحي افريقي في قلب الصحراء في الجنوب التونسي من 20إلى 24مارس2021 بدعم من برنامج تفنن تونس الابداعية وبتمويل من الاتحاد الاوروبي
متحديا العوامل الطبيعية والمناخية وخاصة الصحية في ظل انتشار جائحة كورونا
وقد عرف المهرجان الذي نظمته وأشرفت على تسييره شركة فن الضفتين نجاحا فاق كل التوقعات شهدت المنطقة بفضله انتعاشة فنية وجماهيرية انتظرتها طويلا بعد الركود الذي عرفته كامل البلاد .
وقد استطاع مدير المهرجان المخرج والسينوغراف حافظ خليفة صاحب الاعمال المسرحية الكبرى أن يطوع المساحات الممتدة لصحراء الصابرية ليخلق صورة مشهدية غاية في الجمالية والروعة معتمد على السينوغرافيا الطبيعية التي تشكلت من الكثبان الرملية العالية وتمثل صحراء الصابرية ثاني أكبر المساحات الصحراوية في الجمهورية التونسية بمحافظة قبلي بعد ساحة حنيش في دوزمكان تنظيم المهرجان الدولي للصحراء .
عروض فضاءات
على امتدا اربعة ايام المهرجان تم توزيع العروض المسرحية والتنشيطية في الفضاءات الخارجية فالمسرحيات الموجهة للأطفال قدمت في واحات النخيل بالاشتراك مع دار الثقافة الصابرية والعروض المسرحية ومنتجات الورشات قدمت في الفضاء الصحراوي مسرح الواوية المحاذي لمسرح الساحة الفضاء المخصص للعروض الفرجوية الاحتفالية الكبرى وخلال ايام هذه شهدت جميع العروض دون استثناء حضورا جماهيريا مكثفا وقد تحدى الحاضرون الجالسون على الكثبان الرملية من كل الشرائح العمرية العوامل الجوية والمناخية شمس حارقة في النهار ورياح صرصر وامطار متناثرة في الغروب وبرد قارس وصقيع مجمد في الليل وماالهب حماسهم اليومي التنشيط المميز لمدير المهرجان حافظ خليفة ابن الجهة الذي بث موجات ايجابية في نفوس الحاضرين تفاعلوا معه بالتصفيق والهتاف واشعال الهواتف الجوالة
ندوة علمية وورشات فن الممثل والعرائس
وتزامنا مع فعاليات المهرجان والعروض الفنية الكبرى تم تقديم ندوة علمية حول دور المسرح في تطوير السياحة الثقافية قدمها كل من الاساتذة والمفكرين عزالدين المدني ومحمد مومن ومحمد عبازة وحمادي الوهايبي
كذلك تم تقديم العروض المسرحية مخرجات الورشات التي انطلقت في مراكز الفنون الدرامية الستة قبل ثلاثة اشهر في اطار برنامج التكوين والتنمية الثقافية والتنمية المستدامة في 06 ولايات وهي قبلي وتوزر وقفصة وقابس ومدنين وتطاوين واشرف عليها 06 مؤطرين من 06 مراكز فنون درامية بالجنوب وتم من خلالها تقديم 72 حصة تكوين وورشات عمل مسرحي ل 10 شبان من كل ولايةوتوجت ب 06 أعمال مسرحية قدمت على هامش المهرجان وتابعها بشغف واعجاب كل الاهالي والضيوف والحاضرين
ومن جهة اخرى قدم العرائسي الفنان لسعد المحواشيعلى هامش المهرجان ورشة في صنع العرائس في اطار اتفاقية شراكة بين المركز الوطني لفن العرائس والمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء لفائدة 24 مؤطر ومؤطرة أصيل الجهة والمناطق المجاورة والمهتمين بالجانب التربوي واستطاع في خلال ثلاثة ايام اين يجعل من هؤلاء المربين مبدعون في صنع العرائس حيث استغل بقايا النخيل من سعف واعواد وجريد وشحذ خيالهم وهممهم وصنعوا شخصيات قريبة من المخيال الشعبي للجهات وقدموا اعمال مسرحية طريفة وهادفة
اسباب نجاح المهرجان
استطاع الفنان والمخرج حافظ خليفة صاحب التجارب المتعددة في صنع الفرجة بالمساحات الشاسعة على غرار المهرجان الدولي للتمور بقبلي والمهرجان الدولي للصحراء بدوزان يحقق نجاحا فنيا وجماهيريا فاق كل التوقعات وذلك من خلال :
- ارساء اول مهرجان دولي للمسرح في الصحراء
- تفعيل معني لا مركزية العمل الثقافي
- كسر العزلة الثقافية عن المناطق المهمة
- خلق ديناميكية فكرية وفنية
- النهوض بالقطاع الثقافيبالمناطق الداخلية المحرومة
- تقديم نجوم الساحة الفنية والمسرحية وتقريبهم الى اهالي الجنوب
- تنشيط السياحة الصحراوية والتعريف بالمناطق الداخليةوجمالها
- تنشيط الاقتصاد المحلي
- التنشيط الثقافي والفني لولايات الجنوب
- خلق نواة شبابية في قادرة حمل المشعل وقيادة القاطرة بولاياتهم
- تسليط الأضواء اعلاميا على هذه المناطق
- التعريف بشباب ومبدعي الجهة
- فتح افاق مستقبلية في الثقافة والسياحة
وأخيرا استطاع المهرجان من خلال شركة فن الضفتين لحافظ خليفة أن يجسّد نوعا من الأفكار المفتوحة بتقديمه خدمة نوعيّة للمسرح العربيّ، وذلك من خلال تنويع الأفكار وتبنّيها من قبل مؤسّسات وهيئات ذات صلة بالإبداع الفكري والمسرحيّ، بغاية نشر الثّقافة المسرحّية في كلّ مكان وتعزيز مفهوم أدب الصّحراء وثقافتها واعتبارهافضاء للإبداع ومسرحا شاسعا لعرض كلّ أنواع التّعابير المسرحيّة المعاصرة.
فالمهرجان هنا حقّق رؤًى فنّية عكست اهتمام القائمين عليه بخلق تنّوع في الأداء، والفضاء بخروجه من مكانه التّقليديّ المسارح المغلقة وما يعبر عنه
بــ «العلبة الإيطاليّة» إلى فضاءات رحبة مفتوحة من الرّمال والكثبان الصّحراويّة، وهو ما يُلْزِمُ المسرحيّين البحث والعمل على تطوير أدواتهم المسرحيّة لتتلاءَم مع هويّة المكان، وكذلك البحث عن حلول ووسائل وحيل إخراجية لتقديم عروضهم المسرحيّة، وكأنّها تمرينٌ مسرحيّ يتمحور حول الحكاية والشّعر والملاحم والأداء، وأحيانا الارتجال، باعتماد أساليب متعدّدة من التّعبيرات الفنّية التي تختزنها الذّاكرة الجماليّة للصّحراء، بعد أن تصبح الرّمال الذهبيّة في الصّابريّة، هي " الخشبةَ " .
متابعة فضيلة بوخريص.