منذ سنوات بدأ الإعداد لمشروع تحويل مؤسسات جامعية من مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية إلى مؤسسات عمومية ذات صبغة علمية وتكنولوجية وتطالعنا وزارة التعليم العالي بتاريخ 17 جانفي 2022 ببيان لا يحمل إمضاء تخبرنا فيه أنه تم مؤخراً تحويل صبغة جملة من المؤسسات وذلك حسب ما ادعته "من أجل "دعم استقلاليتها واكسابها مرونة في التصرف وتمكينها من تعبئة مواردها الذاتية" ثم ربط البلاغ تحويل الصبغة بالإنخراط في الجودة والاعتماد ويعتبر أن تحويل الصبغة يدعم قدرة المؤسسات على مواصلة مسار الاعتماد و يشجع المؤسسات على تحمل مسؤولياتها.
وفي ما يلي بعض الملاحظات البرقية في مشروع يحمل نقاط استفهام عديدة:
أولاً إدعاء تحويل صبغة المؤسسات من مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية إلى مؤسسات عمومية ذات صبغة علمية وتكنولوجية شرطاً أساسياً للجودة والإعتماد هو خاطيء لأن المضي والعمل على إرساء الجودة والإعتماد لا يشترط تغيير الصبغة بل له مقاييس موحدة حسب كل تصنيف ولا يمنع مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية من دخول الإعتماد والجودة.
ثانياً دعم استقلالية الجامعات والمؤسسات دون مراجعة الحوكمة والتصرف بها بشكل يضمن الشفافية ويعطي دفة التسيير لمن يستحق حسب مقايس تجمع ما بين التأهيل والكفاءة يعتبر أمراً خطيراً جداً إذ أن الحوكمة الحالية بالجامعات على درجة كبيرة من السوء.
ثالثاً دعم استقلالية الجامعات والمؤسسات دون آليات متابعة ومراقبة بشكل موضوعي وفعال تفتح أبواب سوء تصرف وفساد لا يمكن تلافيها
رابعاً دعم الموارد الذاتية للمؤسسات لا بد أن يشترط بعدم المساس بمجانية التعليم والتكوين للطالب التونسي وأن لا يكون باباً مقنناً للخوصصة وضرب مجانية التعليم وجودته.
خامساً ما تعتبره الوزارة تشجيعاً للمؤسسات على تحمل مسؤولياتها هو خطر ينذر بتخلي الدولة عن دعم الجامعة العمومية وضخ الأموال لها بتعلة تغيير الصبغة وهنا أذكر أن ميزانية وزارة التعليم العالي نقصت بألاف المليارات في العشرية الأخيرة.
سادساً تغيير صبغة المؤسسات بهدف تعبئة موارد ذاتية دون وضع خطط وأهداف وطنية يمكن أن يجعل من المؤسسات والجامعات امارات صغيرة تبحث عن الربح ويدخل التعليم في السلعنة ويهدد الإنسانيات والعلوم الأساسية بالإندثار ويهدد أحد أهم ركائز التعليم العمومي ألا وهي تكوين مواطن سليم يدعم استراتيجيات وطن منيع.
هذه قراءة برقية في انتظار أن تنشر الوزارة الإطار القانوني ونحن نستغرب عدم قيامها بذلك بعد.
من واجبنا التوعية والتحذير والمناداة بعدم التسرع خاصة وأننا نعلم علم اليقين أن التعليم العالي العمومي ومنذ سنوات مهدد بأجندات من قبل لوبيات تعمل على تدجينه.
زياد بن عمر
الناطق الرسمي لنقابة "إجابة"
عضو الهيئة الوطنية التنفيذية ل "إجابة"
|
نقاط استفهام حول تحويل صبغة المؤسسات الجامعية
الدخول للتعليق