ان اصلاح الوضع المتميز بتراكم الأزمات المتنوعة والمعقدة لا يمكن أن يقتصر على اعتماد اجراءات ذات طابع فني، منطقي وعملي فقط بل يتطلب في البداية تغيير المشهد السياسي أولا وإصلاح المنظومة الادارية ثانيا. لأن تطبيق اجراءات استثنائية على الصعيد الاقتصادي نابع من حكومة مصغرة متناغمة معترف لها بالكفاءة والمصداقية والنزاهة يفترض كذلك وجود طبقة سياسية قادرة على تعبئة الرأي العام والتخاطب معه لتفسير الاجراءات الحكومية وإدارة الحوارات حولها لتقوم بدور الوسيط الفاعل بين الشعب والسلطة التنفيذية . كما أن تطبيق الاجراءات الاستثنائية يفترض كذلك وجود ادارة عمومية مسيرة من طرف كفاءات وأصحاب خبرة ومصداقية قادرة على تطبيق الاجراءات بكل أمانة وبكل نجاعة ومرونة خدمة للمصلحة العامة.
لكن من المؤسف أن تجربة العشرة سنوات الفارطة تميزت برداءة وضحالة الطغمة السياسية التي كانت تتعامل مع الشعب التونسي كقطيع من الأغنام تلجئ اليه عند المحطات الانتخابية لكسب المواقع على الساحة السياسية قصد تحقيق الغنائم حسب حصتها من الأغنام على قاعدة ما يسمى بالمحاصصة الحزبية. وانطلاقا من هذه العقليات والممارسات أدت الانتخابات في كل مرة الى افراز مشهد سياسي أكثر تعاسة مما سبقه من حيث انعدام الكفاءة والمتاجرة بالدين وازدياد عدد المتورطين في الفساد والملهوفين على كسب الغنائم الشيء الذي أدى الى قطيعة تامة بين هذه الطغمة الحاكمة والأغلبية الساحقة من الشعب التونسي.
كما أن هذه الطغمة في اطار نظام سياسي شبه برلماني تمكنت كل مرة من ابتزاز الحكومات المتتالية للتموقع داخل دواليب الدولة والتمركز داخل مواقع القرار والنفوذ باستخدام عناصر تتميز بانعدام الكفاءة والخبرة والتجربة ومتكالبة على الوظائف والامتيازات مقابل الولاءات أو باسم ما يسمى بالتعويضات. هذا الوضع يتطلب التنقية حتى يقع رد الاعتبار للكفاءة والنجاعة والرفع من مصداقية المرافق العمومية ومن منسوب ثقة المواطن فيها. وفي هذا المجال يجب البدأ بمراجعة التسميات في مستوى المؤسسات العمومية أولا والتي هي في علاقة مباشرة يومية بالمواطنين ولها دور محوري داخل النسيج الاقتصادي مثل شركة توزيع المياه وشركة الكهرباء والغاز، وثانيا المديرين العامين في الوظيفة العمومية خاصة في الادارات الحساسة في الوقت الراهن كالأمن والعدل والصحة والتعليم والمالية.
بعد التذكير بهذه الاجراءات السياسية والإدارية الضرورية لتحقيق أكبر نجاعة ومردودية ممكنة للإجراءات الاستثنائية العاجلة على المستوى المالي والاقتصادي نؤكد أن الأولوية المطلقة في هذا المجال يجب أن تخص مجابهة أزمة المالية العمومية الخانقة والمكبلة للسلط التنفيذية[1] لكي تتمكن من معالجة الاشكاليات المتراكمة في كل المجالات. وتجاوز أزمة المالية العمومية من المفروض أن يسمح أولا بالتركيز على النهوض بالوضع الصحي[2] وثانيا بالعمل الحثيث على تحقيق سريع للانتعاش الاقتصادي. علما أن هذا الأخير أصبح مرتبطا شديد الارتباط بآفاق تحسن الوضع الصحي كما أن الانتعاش الاقتصادي من شأنه أن يساهم في تحقيق استدامة تحسن وضع المالية العمومية من جهة ومعالجة حقيقية للإشكاليات الاجتماعية (تشغيل، التخفيف من أزمة الصناديق الاجتماعية، النهوض بكل الخدمات الاجتماعية الأساسية والتقدم في معالجة الفوارق الجهوية، التخطيط الهادئ للمراحل الموالية على المدى المتوسط والبعيد الخ...). علما أنه تاريخيا، في فترات الأزمات عادة ما يقع تحقيق الانتعاش الاقتصادي بالأساس عبر الزيادة في الاستثمارات العمومية التي يوكل لها القيام بدور القاطرة لتحريك الاستثمار الخاص. ذلك أن هذا الأخير في الأزمات ينكمش نظرا لارتفاع الضبابية ونسبة عدم اليقين (les incertitudes) وعدم وضوح الرؤى المستقبلية. والتجارب تدل، بما فيها التجربة التونسية، أن هذا الانكماش يستمر رغم الزيادة في الامتيازات المالية والجبائية وتخفيف العبء الجبائي على المؤسسات وسن قوانين استثمار مشجعة وميسرة للاستثمار.
كما يجدر الاشارة أن خارطة الطريق يجب أن تتجاوز العموميات والاكتفاء بسرد المواقف العامة والمبدئية والبحث عن تغطية ومعالجة كل الاشكاليات بدون اعتبار عنصر الوقت ومحدودية الموارد وصعوبات التطبيق الميداني للإجراءات الاستثنائية. لذلك يجب على خارطة الطريق أن تحدد الأولويات والأهداف العملية وتتجاوز الاجراءات التلفيقية عبر العمل على اتخاذ اجراءات جريئة واستثنائية تعكس الارادة السياسية الجديدة والطبيعة الاستثنائية للظروف التي تمر بها البلاد.
- من أجل اجراءات استثنائية لمعالجة أزمة المالية العمومية
أ. اعطاء الأولوية المطلقة لمعالجة أزمة المالية العمومية ناتج عن أسباب عديدة من أهمها:
- أنه لا يمكن معالجة بقية الملفات مهما كانت أهميتها بدون الرفع من هامش فعل السلطة التنفيذية وتوفير ظروف ملائمة للانكباب على معالجة الملفات الحارقة الأخرى.
- لتوفير هذه الظروف يجب القطع مع حالة التخبط اليومي للإدارة العمومية المسخرة لأغلب أوقاتها للبحث عن الحلول المقتصرة بالأساس على توفير الأجور للموظفين آخر كل شهر وتسديد القروض في آجالها.
- ضرورة تجاوز مخاوف المواطنين الذين أصبحوا غير مطمئنين على التحصل على أجورهم ومنح التقاعد كاملة وفي آجالها كما أصبحوا يعانون من زيادات الاسعار المتكررة والمعلنة رسميا في اطار التخفيف من أزمة المالية العمومية عبر التقليص من نفقات الدعم (المحروقات، السكر، الحليب، الكهرباء والغاز، النقل، الماء الصالح للشراب، الخ...) وغير المعلنة الناتجة عن تنامي الاحتكار وغياب المراقبة وضعف معاقبة التجاوزات وتشابك المصالح بين السياسيين والإداريين الفاسدين واللوبيات والكناطرية النافذة. هذا الوضع أدى الى ارتفاع نسق التضخم المالي خاصة في الأشهر الأخيرة والى تآكل مستمر للمقدرة الشرائية في ظل تنامي البطالة والفقر وضعف منح مئات المتقاعدين وهشاشة ظروف العمل بالنسبة لآلاف العاملين الخ...
ب. ضرورة اعطاء الأولوية للرفع من الموارد العمومية الذاتية قصد الحد من اللجوء الى موارد خارجية مكلفة ومهددة للسيادة الوطنية في ظل ارتفاع هام للمديونية العمومية
من أهم الأسباب التي تحتم اعطاء الأولوية لتدعيم الموارد العمومية الذاتية هي التالية:
- اللجوء الى تعبئة موارد خارجية يمر بالضرورة عبر اتفاق مع صندوق النقد الدولي. والتجربة مع هذا الصندوق أدت الى حد الآن الى تراكم المشاكل الاقتصادية من خلال فرض سياسات تقشفية نتج عنها احتقانات اجتماعية بالتوازي مع ارتفاع المديونية العمومية. وهذه النتائج وقع تسجيلها في عديد البلدان الأخرى (كاسبانيا والبرتغال واليونان رغم وجودها ضمن الاتحاد الأوروبي) وغير ناتجة فقط عن غياب كفاءة الطغمة السياسية التونسية وانتشار الفساد صلبها
- في كل مرة نفس القوى المحتكرة للثروة وللسلطة والمستفيدة من الغنائم والمكاسب غير المشروعة والمسؤولة عن الأوضاع المنهارة هي التي تتسارع قبل غيرها للدفع نحو اللجوء الى الصندوق وتعتبره المخرج الوحيد لتجاوز الأزمة. هذا السلوك من طرف القوى المستفيدة من الغنائم ناتج عن حرص هذه القوى على تفادي البحث عن حلول داخلية تمكن الخزينة من موارد ذاتية عمومية اضافية عبر اعتماد اجراءات استثنائية جريئة وجدية تمس بالضرورة من مصالحها ومكاسبها وغنائمها الناتجة عن الفساد والتهرب الضريبي وعدم احترام القانون وتهريب السلع والأموال لتبييضها الخ...
- منطق الغنيمة السائد وانتشار الفساد وعدم تطبيق القانون وخوصصة الدولة من طرف اللوبيات والكناطرية وشبكات الفساد أدى الى اهدار المال العام ونقص فادح لموارد الخزينة العمومية. واعتماد اجراءات جريئة وحازمة من شأنه أن يوفر موارد عمومية ذاتية هامة تمكن الدولة من استرجاع مصداقيتها وهيبتها وثقة المواطنين والأطراف الأجنبية فيها كما تمكن من عدم اللجوء الى اعتماد اجراءات تزيد من احتقان الوضع الاجتماعي بجانب مساهمة مثل هذه الاجراءات في الحد من اللجوء الى التداين والحفاظ على سيادة القرار الوطني.
- كل مؤشرات المديونية العمومية تدل أن اللجوء الى الرفع من حجمها سيمثل خطورة كبيرة على مستقبل الاقتصاد التونسي وإمكانية تحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود سواء كان عاجلا أم آجلا وذلك بالنظر الى المعطيات التالية:
- حجم المديونية العمومية سيرتفع من 72% من الدخل القومي سنة 2019 الى حوالي 90% سنة 2021 دون اعتبار ديون المؤسسات العمومية التي تتمتع بضمان الدولة والتي تمثل 16% من الناتج الخام الى جانب متخلدات هذه المؤسسات عند الدولة والتي وصلت الى 8% من الناتج القومي الخام وبدون اعتبار العجز المتفاقم والديون المتراكمة لصناديق الضمان الاجتماعي التي وقع العبث بها منذ نشأتها
- منذ أن تحصل البنك المركزي سنة 2016 على "استقلاليته" تراجعت نسبة الاقتراض الداخلي من 37.7% في الفترة 2010 – 2016 الى 23.9% بين 2017 – 2019 [3] مقابل ارتفاع نسبة التداين الخارجي الذي أصبح يفوق أكثر من 70% من مجمل المديونية العمومية
- ارتفاع نسبة موارد الاقتراض من جملة الموارد العمومية من 20% بين 2010 و 2015 الى 29% بين 2016 – 2020 ويمكن أن تبلغ قرابة 37% سنة 2021.
- بالتوازي ارتفعت خدمة الدين العام الداخلي والخارجي لتتطور نسبتها من جملة نفقات الدولة من 18%بين 2010- 2016 الى 22% بين 2017 – 2020 وستبلغ سنة 2021 حوالي 30%.
كل هذه الاعتبارات تحتم اتخاذ اجراءات جريئة واستثنائية توفر أكثر موارد عمومية ذاتية للخزينة قصد مواجهة مختلف الاشكاليات القائمة بدون مصادرة سيادة القرار الوطني وإعاقة تحقيق الانتعاش الاقتصادي.
ج. أهم الاجراءات الاستثنائية المقترحة لتدعيم الموارد العمومية الذاتية (الجبائية وغير الجبائية)
- استرجاع مستحقات الدولة التي تبلغ 12600 مليون دينار والعمل على استرجاع 25% منها أي حوالي 3200 مليون دينار قبل حلول سنة 2022 مع تشديد الاطار القانوني الذي يسمح بتحقيق ذلك
- التخفيف من الاعفاءات والامتيازات الجبائية التي بلغت 5644 مليون دينار (م.د) أي 4.96% من الناتج المحلي الخام سنة 2019 حسب تقرير النفقات الجبائية والامتيازات المالية الملحق بمشروع قانون المالية لسنة 2021. علما أن هذه الامتيازات تعطى بدون أي التزامات من طرف المنتفعين لتحقيق أهداف مضبوطة (نسب معينة من تشغيل الشباب خاصة المتحصل على شهائد جامعية، نسبة معينة من التصدير، نسبة معينة من استعمال عناصر انتاج وطنية لتحسين اندماج النسيج الاقتصادي...) وبدون متابعة وتقييم النتائج والمحاسبة بل غالبا ما تعمل الأطراف المستفيدة عند نهاية فترة التمتع بالامتيازات على اعلان الافلاس وبعث نفس المشروع تحت تسمية جديدة وانجازه غالبا في مناطق أخرى. لذلك نقترح بجانب التقليص من حجم الامتيازات التي يجب أن لا تفوق 2% من الناتج المحلي أن يقع العمل بالامتيازات في اطار علاقات تعاقدية بين الدولة والمستثمرين يقع على أساسها التزام الأطراف المستفيدة بتحقيق جملة من الأهداف التنموية مع القيام بالمتابعة والمحاسبة وتشديد العقاب (مثلا منع الذين يخلون بالتزاماتهم من التمتع مجددا بالامتيازات)
- مقاومة التهرب الجبائي بكل صرامة، ذلك أن هذا التهرب أصبح يشمل قرابة نصف عدد (365000) المطالبين بدفع الضرائب والذين يبلغ عددهم 734000 سنة 2015. من بين المتهربين هناك 302000 أشخاص طبيعيين و 63000 مؤسسة اقتصادية علما أن هذا التهرب نتج عنه تهرب جبائي ب 3000 م.د وهو ما مثل قرابة 76% من عجز الميزانية العمومية سنة 2015.
والجدير بالتذكير أنه لا يمكن مقاومة التهرب الجبائي بكل جدية مع تحقيق الدعم والتضامن من طرف الرأي العام بدون تعميم الواجب الجبائي على كل الناشطين والعاملين. لهذا وجب اعطاء الأولوية لاخضاع بارونات ومافيات وكناطرية القطاع الموازي للمساهمة الجبائية خاصة وأن هذا القطاع تغول بصفة خطيرة على مستقبل الاقتصاد التونسي وأصبح يشمل كل الأنشطة ويحتكر نسبة متصاعدة من الثروة الوطنية بدون أي مساهمة جبائية واجتماعية تذكر.
- العمل على احداث ضريبة على الثروة (الممتلكات patrimoine) التي تمثل قاعدة ضريبية يمكن ضبطها بسهولة اكثر من ضبط المداخيل والمرابيح.
- احداث ضريبة استثنائية على الأنشطة المستفيدة من جائحة كورونا: مثل البنوك والمؤسسات المالية، المخابر، الصيادلة، المصحات الخاصة، الصناعات الغذائية، المساحات التجارية الكبرى، صناعة المستلزمات الصحية أو كرائها، الخ...
- محاربة الفساد بكل جرأة وبصفة شاملة ومستمرة. هذه المحاربة لا يجب أن تقتصر على تنقية المشهد السياسي من الفاسدين بل يجب كذلك أن تحرص على تحقيق أكبر مردود مالي لتطعيم الخزينة العمومية بأكثر موارد ممكنة. وفي هذا المجال من الضروري اعتماد سريع للإجراءات التالية:
- انجاز تحيين قائمة الفاسدين التي وقع ضبط عددها ب463 سنة 2012 وبالتالي لا تشمل الفاسدين الذين تسببوا في انهيار الاقتصاد الوطني بعد 2012. وهذا التحيين من شأنه اعفاء الذين قاموا بصفة قانونية بتسوية وضعيتهم كذلك من شأنه المساعدة على الكشف عن الذين كانوا محل ابتزاز من أطراف عديدة يجب الكشف عنهم ومحاسبتهم لاسترجاع الأموال المنهوبة في اطار الفساد.
- اللجوء الى الصلح الجزائي يفترض وجود قانون صارم ينص على امكانية مصادرة الأملاك وتجميد الحسابات البنكية وتسليط عقوبات مالية وسجنية هامة يجعل المعني بالأمر يخير اللجوء الى الصلح عوض الخضوع للإجراءات القانونية. بالتالي من المهم تحيين القوانين في اتجاه أكثر صرامة.
- عدم الاقتصار على تحقيق اهداف سياسية ومالية والحرص على تفكيك منظومة التشابك بين السياسة والمال الفاسد عبر تحيين ترسانة القانون في مجال مقاومة الفساد وتشديد العقاب حتى يتسنى ارجاع مصداقية العمل السياسي ووقاية الوظيفة العمومية من الانحراف حفاظا على هيبتها وتوفير شروط نجاعة أعمالها والرفع من ادائها في مجال تدعيم ومواكبة المسار التنموي.
- العمل على تجنب شيطنة المؤسسة الاقتصادية مع الحرص على اتخاذ جملة من الاجراءات لتلميع صورتها وتحسين ادائها. ومن أهم هذه الاجراءات:
- مراجعة الامتيازات الجبائية والمالية كما سبق ذكرها حتى لا تظهر المؤسسة الاقتصادية بمظهر العبء على المجموعة الوطنية بل تظهر كقوة انتاج للثروة وليس كفضاء لاستنزاف الموارد العمومية عبر تقليص الضرائب والعبء الجبائي والرفع من الامتيازات المتنوعة مقابل الولاءات لأطراف نافذة متعددة.
- ارساء علاقات تعاقدية قائمة على امتيازات مقابل التزامات تخدم التنمية الشاملة. مع الحرص على متابعة هذه العلاقات للتقييم والمحاسبة.
- القيام بإصلاح جبائي يعمل على تعميم الواجب الجبائي وتوزيع عادل للعبء الجبائي حسب نسبة مداخيل الأطراف الاجتماعية من الدخل القومي الخام مع مقاومة التهرب الجبائي بكل جدية.
- اعتماد قانون ينص على المسؤولية الاجتماعية والبيئية للمؤسسات الاقتصادية بداية بالمؤسسات الكبرى.
- الحرص على اعتماد سياسة أجور حافزة لإنتاج الثروة والرفع من تنافسية المؤسسة وجودة انتاجها مع توزيع أولي (primaire) للقيمة المضافة يحد من الفوارق بين مداخيل مختلف عناصر الانتاج.
- الحرص على اعتماد سياسة اعادة توزيع نشيطة تمكن من تطوير الخدمات الاجتماعية الأساسية (تعليم، تكوين، مراكز بحث، صحة، نقل...) من شأنها تحقيق أكثر رفاهة للأفراد وأكثر وأحسن ظروف لأداء المؤسسات الاقتصادية.
- مقاومة تهريب الأموال التي أصبحت بجانب هجرة الكفاءات وهجرة الشباب على قوارب الموت وتنامي العجز الطاقي والمائي من الأسباب الرئيسية لعرقلة مسار التنمية في البلاد على المدى القصير والبعيد. وفي هذا المجال يجب:
- القيام بتعديل مجلة الصرف التي تسند للمؤسسات غير المقيمة (offshore) الحق في الحفاظ خارج الوطن على الأموال الناتجة عن تصدير انتاجها. علما أن هذه المؤسسات غير المقيمة تحقق أكثر من 60% من الصادرات التونسية بدون أن يكون مردودها الاقتصادي (ضعف علاقاتها مع النسيج الاقتصادي الوطني) والمالي (الحفاظ على نسبة هامة من مبيعاتها بالخارج) هام باستثناء تشغيل يد عاملة قليلة الكفاءة وبأجور متدنية وخلاص فاتورات الماء والكهرباء والغاز...
- تشديد الخناق على القطاع الموازي الذي أصبح يحتكر نسبة عالية من العملة الأجنبية ويتسبب في تهريبها الى الخارج.
- تشجيع المواطنين التونسيين بالخارج على استعمال مواردهم من خلال المؤسسات والمسالك القانونية دون اللجوء الى الأسواق الموازية مع الحرص على اصدار قروض رقاعية يساهم في تمويلها التونسيون في المهجر.
- العمل الجدي على ترشيد نفقات الدولة خاصة من خلال تحويل الامتيازات العينية الى امتيازات نقدية في مجال النقل بالخصوص ومقاومة الفساد في مجال الدعم والرفع من نسبة انجاز المشاريع العمومية لتفادي ارتفاع تكاليفها.
د. الاجراءات لتدعيم موارد الاقتراض الداخلي والخارجي
- العمل على مراجعة قانون استقلالية البنك المركزي قصد ايقاف مسار تفكيك الدولة واسترجاع وحدة قرارها وتحقيق التناغم والتكامل بين السياسات العمومية والسياسات النقدية وتوفير موارد مالية مباشرة من طرف البنك المركزي بنسبة فائدة ضعيفة تكون موجهة لتدعيم البنية التحتية والنسيج الاقتصادي المنتج للثروة المادية. وهذا يفترض تغيير الفصل 25 من قانون البنك المركزي بمرسوم ليتم التمويل المباشر للميزانية من طرف البنك المركزي في حدود معقولة وبنسب فائدة ضعيفة حتى يتسنى تسديد القروض وتمويل بعض المشاريع المنتجة والحيوية.
- تنشيط العمل الديبلوماسي لتحقيق أكبر دعم مالي للتجربة التونسية والعمل على أن يكون الدعم العربي في شكل شطب ديون مستحقة وهبات وودائع قصد التخفيف من عبء التداين الخارجي والمساهمة في تمكين تونس من سداد ديونها اذا استحال تعليقها وتفادي المرور عبر صندوق النقد الدولي مع الحرص على توجيه الدعم المالي الخارجي للرفع من مستوى الاستثمارات العمومية وتوجيه هذه الأخيرة نحو المشاريع المنتجة والدافعة للانتعاش الاقتصادي.
- العمل على تعليق الديون الخارجية التونسية لمدة 3 الى 5 سنوات مع العمل على فسخها كليا أو جزئيا علما أن نسبة هامة من هذه الديون تمثل ديون فاسدة لم توظف لفائدة المصلحة العامة. وبالتالي يجب بعث لجنة تحقيق في هذا الملف حتى يقع تحديد حجم ونسبة هذه الديون الفاسدة. مع الاشارة أن حجم ونسبة الديون الفاسدة حسب التقارير حول التدقيق في المديونية العمومية تصل الى مستويات عالية: 59% بالنسبة لفرنسا كما أن نسبة المديونية اليونانية المتعفنة وغير القانونية وغير الشرعية وصلت الى مستوى 85%.
-
العمل الفوري على تعليق توريد قائمة بالبضائع الكمالية والرفع في المعاليم الجمركية بالنسبة للبضائع شبه الكمالية مع تشديد المراقبة على التجارة الموازية لإسداء النجاعة الضرورية للإجراءات المعتمدة كما أنه من الضروري القيام بتقييم دوري (كل 6 أشهر) لنتائج هذه الإجراءات حتى يتسنى تعديلها حسب النتائج المسجلة. علما أنه وقع صدور العديد من القرارات لتقييد توريد بعض السلع غير الضرورية منها قرار البنك المركزي التونسي في نهاية 2017 الذي يخص وقف إقراض الموردين التونسيين لتمويل واردات عدد من السلع الاستهلاكية بسبب تفاقم عجز الميزان التجاري (الذي بلغ في موفى سنة 2018 أرقاما قياسية ب19 مليار دينار) وتدهور الدينار التونسي.
كما انطلقت وزارة التجارة منذ 2018 في تنفيذ إجراءات لتقييد واردات نحو 200 بضاعة استهلاكية كانت خاضعة للتوريد الحر و أصبح توريدها مقيد بشروط من بينها سلع غذائية كمالية على غرار الأجبان و البسكويت ورقائق البطاطس و الموز والعصائر و الشكولاطة, بالإضافة إلى مواد التنظيف ومواد التجميل والأحذية والهواتف المحمولة ولعب الأطفال والتجهيزات المنزلية...
والوضع الحالي المتميز بتنامي المؤسسات الاقتصادية المتضررة من الجائحة وارتفاع مهول لعجز المالية العمومية وانتشار البطالة الخ..يفترض تقييدا أكثر للواردات الكمالية وتقييم دوري لإجراءات التقييد من أجل إعطاء الأولوية لأنقاذ النسيج الصناعي الوطني و تدعيم الانتعاش الاقتصادي المنشود. - مراقبة النمو المفرط لظاهرة انتشار العلامات التجارية الأجنبية» la franchise « التي أدت بعديد «الصناعيين» إلى التخلي أو التقليص من نشاطهم الصناعي والتحول إلى ممثلين تجاريين لعديد العلامات التجارية الأجنبية » marques étrangères « عوض التركيز على تنمية علامات تونسية
- إعادة التفاوض حول الاتفاقيات التجارية التي تؤدي إلى تفاقم العجز مع بعض البلدان الشريكة
- إعادة إحياء مفهوم « bilan en devises » للأنشطة التجارية عبر:
- ربط الامتيازات التي تخص المؤسسات غير المقيمة بالحد الأدنى من الاندماج وتوظيف نسبة معينة من قيمة صادراتها داخل التراب التونسي عبر فرض حد أدني من الاستثمار.
- ربط التحصل على العملة الصعبة للقيام بالتوريد بالقدرة على التصدير كما كان معمولا به من قبل.
- مراجعة الامتيازات الجبائية والحد منها ومن مدة الاستفادة بها وإرساء علاقات تعاقدية تفرض تحقيق الأولويات الوطنية (تشغيل، تصدير...) مقابل الامتيازات المسندة.
- التقليص من تحويل المرابيح المتأتية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة (IDE) والتشجيع على استثمارها داخل البلاد. هذا التشجيع بجانب إخضاع المرابيح للضريبة يتطلب بالأساس وضوح الأفاق التنموية على المدى المتوسط والبعيد والقدرة على اقتراح مشاريع كبرى مهيكلة للاقتصاد وجاذبة للاستثمار.
2. الأولويات القطاعية وضرورة الربط بين المدى القصير والمدى المتوسط والبعيد:
أ. اجراءات عاجلة بدون مجهود استثماري كبير:
- اعطاء الأولوية للرفع من استعمال طاقات الانتاج الموجودة خاصة في مجال انتاج الفسفاط والمحروقات والعمل الحثيث على حلحلة الاشكاليات التي أدت الى انهيار هذه القطاعات الحيوية والتي أثرت سلبا على نسق النمو وعلى تفاقم أزمة المالية العمومية.
- التعجيل بانجاز المشاريع العمومية المعطلة رغم أنه وقع دراستها وضبط مواردها علما أن المشاريع العمومية المعطلة تصل قيمتها الى 17 مليار دينار حسب المصادر الرسمية الحكومية التي تعتبر أن الاطار الترتيبي والقانوني يمثل أهم العراقيل التي تواجه الاستثمار العمومي.
- اعطاء الأولوية للحفاظ على الموارد الأساسية والعمل على تثمينها مثل:
- القيام بصيانة شبكات توزيع المياه الصالحة للشراب
- القيام بتعشيب المراعي قصد تشجيع الانتاج في ميدان تربية الماشية
- تدعيم المشاريع المنتجة للطاقات المتجددة (الشمس والرياح) وتحلية المياه ورسكلتها
- تدعيم المشاريع التي تخص رسكلة النفايات والعناية بالنظافة وجمالية المدن والقرى
ب. اجراءات تخص اصلاح المؤسسات العمومية:
- بعث مجمع للمؤسسات العمومية (Holding) وضبط أولويات المرحلة
- يقع تحديد أهداف هذا المجمع انطلاقا من رسم خطوط عريضة في فترة أولى في مجال السياسات القطاعية (في الميدان الصناعي والزراعي والخدماتي) الى أن يتسنى تحديد هذه السياسات بأكثر عمق ودقة لاحقا في المدى المتوسط.
- اعطاء الأولوية لإصلاح المؤسسات العمومية التي لها دور مهيكل للنسيج الاقتصادي (rôle structurant) مثل مؤسسة الحديد والصلب (الفولاذ)، والكهرباء والغاز، وتوزيع المياه ، وصناعة الأدوية، الخ...
ج. اعطاء أولوية للنهوض بمنظومات الانتاج الفلاحي انطلاقا من مفهوم جديد للسيادة الغذائية يعطي الأولوية لإنتاج أهم مكونات الأكلة الأساسية التي يقع توريد نسبة هامة منها منذ الستينات:
- دعم منظومة الحبوب بكل مكوناتها قصد رفع مستوى الانتاج واستغلاله كليا مع التشجيع على استعمال البذور الممتازة والري التكميلي.
- دعم منظومة الزيتون وتثمين المنتوج عبر تعليب الزيت وتنويع الأسواق ومقاومة اللوبيات المعرقلة لهذا القطاع.
- دعم منظومة تربية الماشية لإنتاج الحليب واللحوم مع تشجيع المربين الصغار والعمل الجدي على مقاومة شبكات سرقة الماشية.
- التشجيع على انتاج البقول (légumineuses) التي توفر بروتينات نباتية هامة (حمص، فول، عدس...) تتماشى مع التقاليد الغذائية التونسية.
- العمل على التخلي التدريجي على دعم الاستهلاك وتحويل هذا الدعم للقطاعات المنتجة وعلى رأسها القطاع الفلاحي في اطار الحرص على توفير السيادة الغذائية. علما أن صندوق دعم الموارد الأساسية الغذائية جاء لدعم منوال تنموي قائم على استعمال اليد العاملة قليلة الكفاءة والتي تشتغل بأجور ضعيفة. ودعم المواد الأساسية من شأنه الحفاظ على مستويات ضعيفة للأجور. الا أن مثل هذا المنوال بصدد لفظ أنفاسه منذ أوائل القرن ووقع التشبث به الى حد الآن بالاعتماد على سياسات اغراق عديدة أرهقت كل الأطراف الاقتصادية. وبالتالي أصبح من الضروري التخلي التدريجي عن دعم الاستهلاك وتوجيهه الى دعم الانتاج في اطار الانتقال الى منوال تنموي بديل يتماشى مع التطورات الحاصلة داخليا وخارجيا.
- تدعيم كل مشاريع الرفع من الموارد المائية في اطار خطة استراتيجية تعتمد التكامل بين انتاج طاقات متجددة وتحلية المياه الباطنية ومياه البحر.
- تشجيع الفلاحين على بعث تعاضديات خدمات أولا في ميدان تزويد الفلاحة بعناصر الانتاج الأساسية بأسعار معقولة وبدون غش وثانيا في ميدان تسويق وتوزيع الانتاج قصد الحد من هيمنة الوسطاء وثالثا في ميدان الخزن والتبريد قصد مقاومة الاحتكار والهيمنة على أسواق المنتجات الفلاحية المتسببة في بقاء الأسعار في مستويات مرتفعة.
والجدير بالذكر أن اعطاء الأولوية للنهوض بالقطاع الفلاحي أصبح ضروريا في ظل أزمة القطاع السياحي الذي لا يمكن أن يسترجع نسق نشاطه العادي قبل 2023 في أحسن الحالات. كما أن قطاع الصناعات المعملية في أكثر نشاطاته يشتكي من تراجع تنافسيته منذ سنوات ولا يمكن المراهنة عليه في المدى القصير لتحقيق الانتعاش الاقتصادي خاصة في غياب وضوح آفاق تطور الاقتصاد العالمي. وبالتالي أصبحت الفلاحة والصناعات غير المعملية وقطاع البناء وخاصة الأشغال العامة هي القطاعات التي يجب الاعتناء بها في المدى القصير لدفع نسق النمو.
الخاتمة:
من الضروري أن ينطلق العمل بكل هذه الاجراءات مع اعتبار عامل الزمن وتحديد أهداف يمكن تحقيقها بالاعتماد على الموارد البشرية المتاحة.
على المدى القصير (المفروض أن لا يتجاوز سنتين على الأكثر)، يجب أولا أن تعمل الاجراءات الاستثنائية على الرفع من الموارد العمومية الذاتية لتبلغ 70% آخر سنة 2021 وتتجاوز 75% سنة 2022 مقابل 62.7% فقط مترقبة حسب ميزانية 2021. بالتوازي يجب العمل على أن لا تتجاوز نسبة الاقتراض العمومي 20% من حجم الميزانية العمومية. ثانيا، في مجال الانتعاش الاقتصادي، يجب أن تركز الاجراءات الاستثنائية على الأنشطة التي لا تتطلب استثمارات عمومية اضافية كبيرة عبر الحرص على الرفع من استغلال طاقات الانتاج الموجودة خاصة في ميدان الفسفاط والمحروقات والتعجيل بانجاز المشاريع العمومية المعطلة وتثمين الموارد الطبيعية التي تسمح بتطوير الانتاج. كما يجب العمل السريع على ايقاف توريد الكماليات بجانب مقاومة صارمة للتوريد العشوائي من طرف القطاع الموازي.
على المدى المتوسط (من 2 الى 3 سنوات) بجانب الاستمرار في دعم الموارد العمومية الذاتية يجب التقدم بالنهوض بالقطاع الفلاحي وتدعيم المؤسسات العمومية التي لها دور هام في هيكلة النسيج الاقتصادي على ضوء انجاز سياسات قطاعية واضحة المعالم في كل قطاعات الانتاج كما يجب العمل على مراجعة الاتفاقيات التجارية التي أدت الى تفاقم عجز الميزان التجاري حتى نتمكن من تحسين مطرد لمستوى الموجودات الصافية من العملة الأجنبية ومن توفير شروط تحسن سعر صرف الدينار.
على المدى الطويل، يجب العمل الجدي على إعادة النظر في نمط التنمية ونمط الاندماج العالمي ومنظومة الحوكمة بصفة شاملة ومتكاملة. ولتحقيق ذلك يجب توفير عديد الشروط من ضمنها إعادة النظر في فهمنا وتعاملنا مع عديد المفاهيم والمسلمات النيوليبرالية المكبلة للإرادة الجماعية والنافية للمصالح وللسيادة الوطنية مع اعتماد تمشي إرادي برغماتي ينطلق من الحرص على تحقيق المصالح و السيادة الوطنية خاصة في المجال الغذائي والطاقي والمائي والصحي بالاعتماد على سياسات قطاعية واضحة المعالم وبرامج إستراتجية طموحة قائمة على التجديد بفضل تدعيم التكوين والإرشاد والبحث العلمي.
من أهم الشروط كذلك إعادة ترتيب علاقات الدولة بالمجتمع على أساس تدعيم المواطنة واحترام معادلة قائمة على الحقوق مقابل الواجبات (عوض الولاء مقابل الامتيازات) في إطار إرساء علاقات تعاقدية بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع. كما يجب العمل على إعادة ترتيب علاقات الدولة مع الاقتصاد في اتجاه التخلي عن مبدأ حياد الدولة وإعادة العمل بالسياسات القطاعية لتمتين وتنويع واندماج النسيج الاقتصادي في إطار الانتقال الى نمط تنمية مكثف Intensif واقتصاد أخضر ومستدام يعيد إحياء تونس الخضراء من جهة واعتماد سياسات إعادة توزيع المداخيل والثروة نشيطة قادرة على النهوض بالمسألة الاجتماعية بكل مكوناتها من تشغيل وخدمات اجتماعية(صحة،تعليم،نقل ومسكن) وحماية اجتماعية الخ.. من جهة أخرى.
بجانب ذلك يجب إعادة ترتيب علاقات الدولة بالمحيط الوطني (Espace ) في اتجاه بناء ديمقراطية محلية توفر المناخ لبناء تنمية محلية كإحدى مكونات روافد التنمية الوطنية. أما العلاقة مع المحيط العالمي فيجب أن تعتمد البحث عن تجاوز التقسيم الدولي للعمل القائم على خدمة مصالح الرأسمال العالمي وذلك عبر بناء امتيازات تفاضلية حركية وإرساء دبلوماسية نشيطة تهدف الى تنويع الأسواق والبحث عن شركاء قادرين على المساهمة في دفع التنمية الوطنية والرفع من مستوى الموارد البشرية ومستوى البحث العلمي والتحكم في التكنولوجيا. أما في ما يخص العلاقة مع المجال Environnement يجب أن تقوم في إطار الانتقال الى اقتصاد أخضر يحرص على مقاومة التلوث وحسن استغلال وتثمين الموارد الطبيعية وتدعيم أنشطة الرسكلة في كل المجالات و العمل بكل قوة على تنمية الطاقات البديلة (شمس، رياح...) والرفع من حجم الموارد المائية والحرص على تحقيق السيادة الغذائية عبر التخلي عن المفهوم التجاروي للأمن الغذائي القائم على الاكتفاء بتحقيق توازن الميزان التجاري الغذائي بدون الحرص على إعطاء أولوية مطلقة للتحكم في إنتاج مكونات الأكلات الرئيسية القائمة على التقاليد الغذائية المحلية (الحبوب بكل أنواعها الصالحة لاستهلاك الإنسان والحيوان، البقول les légumineuses ، الخضروات، الحليب واللحوم... )
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيس عبدالرحمان الهذيلي