حدّدت تونس وصندوق النقد الدولي يوم 14 فيفري 2022، لمواصلة المحادثات بشأن اتفاق مالي جديد في وقت لم تتضح فيه معالمه، لكن تونس كشفت، في سياق غير متصل، عن سعيها لاصلاح القطاع العام والدعم والمؤسسات العامة والجباية بما يقلص حجم الدين العمومي الى 5ر85 بالمائة ويرفع موارد التمويل الذاتية الى 6ر66 بالمائة في افق 2024
وورصدت وكالةتونس افريقيا للانباء اهم الاصلاحات التي تعتزم تونس تنفيذها خلال الفترة الممتدة من 2022 الى 2024 والتي يمكن ان تشكل احد مجالات التفاوض مع صندوق النقد الدولي قبل توصل الطرفين الى توقيع اتفاق مالي يخلف اتفاق التسهيل الممدد الذي وقع سنة 2016
مفاوضات قائمة على رؤية استراتيجية
تعتبر الحكومة انها وضعت رؤية استراتيجية قائمة خاصة على بلوغ نسبة نمو اقتصادي شامل ومستدام وتحسين مناخ الاعمال وإعادة ثقة الشركاء وتسريع نسق تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ومساندة الفئات الاجتماعية الهشة علاوة على مواصلة اصلاح منظومة الدعم وحوكمة القطاع العام وتعزيز إجراءات مجابهة تداعيات ازمة كوفيد -19
وتخطط الحكومة أولا الى التحكم في كتلة الأجور وإعادة هيكلة الوظيفة العمومية خاصة وان عدم الاقدام على اصلاح وضعية كتلة الأجور سيؤدي الى مزيد اثقال الميزانية من خلال بلوغ هذه الكتلة زهاء 59 بالمائة من موارد ميزانية الدولة لسنة2021
وتقوم الخطة على ترشيد الزيادات في الأجور والانتدابات وإعادة النظر في برمجة تطبيق اتفاقية 6 فيفري 2021 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل دون مفعول رجعي فضلا عن تأجيل العمل بالقانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي
وتحتاج الإصلاحات الى اعتماد برامج للتخفيض من عدد أعوان الوظيفة العمومية عبر اعتماد برنامج جديد للإحالة على التقاعد المبكر مع التنفيل وإمكانية احداث برامج المغادرة الطوعية مع التمتع المباشر بمنحة التقاعد ومكافأة مالية
وتتضمن الخطة احكام التصرف في الموارد البشرية وفي نظام التأجير بالوظيفة العمومية من خلال دعم برنامج الحراك الوظيفي وتوفير إمكانية العمل عن بعد وربط عملية التأجير بالأداء والإنتاجية والتمديد في مدة العطلة المخصصة لبعث مؤسسة
وتشير الوثيقة، ثانيا، الى العمل على إعادة صياغة الدعم في عدة مجالات من خلال المرور من دعم الأسعار الى الدعم المباشر مما يتطلب بلوغ الأسعار الحقيقية للمحروقات في افق 2026 مع حماية الفئات الهشة ومواصلة العمل بآلية التعديل الآلي لمنتجات الوقود الثلاثة
وتخطط تونس للرفع التدريجي لدعم المنتوجات الحساسة عن طريق ادخال تعديل جزئي للأسعار في مرحلة اولى ورفعه لاحقا مع تخصيص تحويلات لفائدة المستحقين وإرساء التعديل الآلي للأسعار بصفة دورية ومحددة للاستهلاك بالنسبة للكهرباء والغاز
ويتجلى من خلال الوثيقة ان السلطات التونسية، ستفعل النظام الجديد لدعم المواد الأساسية بصفة تدريجية خلال الفترة 2023-2026 مع آلية استهداف قادرة على تحقيق العدالة
وتولي خارطة الإصلاحات المرتقبة، وعلى شكل محور ثالث، اهتماما بالصعوبات التي تواجهها المؤسسات العمومية من خلال إرساء قواعد حوكمة سواء عبر مراجعة سياسة مشاركة الدولة في راس المال عن طريق تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص او التفويت في المساهمات في المؤسسات غير الاستراتيجية
وتحتاج المؤسسات العمومية في تونس الى إعادة هيكلة وضعها المالي سواء من خلال تسوية ديون الدولة والشركات وتصفية الديون المتقاطعة بين المؤسسات العمومية وإعادة جدولة الديون المصرفية وتدقيق المتخلّدات وإعادة تقييم أصول المؤسسات والتخلص من الأصول غير الضرورية لنشاط المؤسسة وإرساء سياسة لتغطية مخاطر السوق
وترى تونس ضرورة توسيع قائمة المؤسسات الخاضغة للالتزام بعقد أداء مع الدولة والفصل بين مهام رئيس مجلس الادارة والمدير العام ومراجعة قانون مناظرات الانتداب الخارجي ووضع نظام ترقية على أساس الكفاءة
وتطرح تونس، في المقام الأخير، خطة لإصلاح القطاع الجبائي من خلال مزيد رقمنتها عبر إزالة الطابع المادي عن الخدمات لدافعي الضرائب من خلال انشاء الحساب الجبائي الموحد وترشيد تداول الأموال نقدا وتدعيم المبادلات الالكترونية وتوسيع قاعدة الضريبة عبر مواصلة توسيع ميدان تطبيق الأداء
ويقوم التوجه الإصلاحي كذلك على إرساء آلية المراجعة المحدودة ورقمنة برمجة عمليات التدقيق الضريبي وتعزيز نظام الاستقصاء وإلغاء الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة المستحقة على بعض الأنشطة التجارية والشروع نحو الإلغاء التدريجي بداية من 2022 للنظام التوقيفي في مادة الأداء على القيمة المضافة
وتذهب تونس في اطار التخطيط لإصلاح النظام الجبائي الى إرساء سياسة ضريبية داعمة للاقتصاد المستدام والانتقال الطاقي من خلال دعم الاستثمارات المؤسسات الناشطة في الاقتصاد الأخضر وتخفيض الضريبة المستوجبة على السيارات الكهربائية والهجينة وهو توجه يلقى دعما دوليا ويمكن ان يشكل نقاط التقاء مع مفاوضي صندوق النقد الدولي
ميزانية تونس على المدى المتوسط 2022-2024
تخطط السلطات التونسية للوصول الى نمو الاقتصاد بنسبة 3 بالمائة في افق سنة 2025 و 2026 وذلك من خلال دعم الاستثمار وتحفيز الإنتاج الى جانب اانتهاج عدة خطوات من بينها التحكم في نفقات التأجير لتتراجع نسبة الاجور من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي من 4ر16 بالمائة سنة 2020 الى 4ر14 بالمائة سنة 2024
وتعمل تونس بالتوازي مع ذلك على الاقتصاد في نفقات التسيير والتحكم في نفقات الدعم للنزول من 8ر6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2020 الى 8ر3 بالمائة سنة 2024
وتأتي كل هذه الفرضيات والتوجهات الكبرى للفترة 2022 -2024 بهدف حصر عجز الميزانية دون اعتبار الهبات والمصادرة في 3ر5 بالمائة سنة 2024 مقابل 3ر8 بالمائة سنة 2021 علما وان ميزانية الدولة سترتفع الى 6ر61 مليار دينار لعام 2024
نشر ومتابعة رضا الزعيبي