jasminsnews - شهادتي على معركة بنزرت

شهادتي على معركة بنزرت

شهادتي على معركة بنزرت
بقلم العقيد (م) محمد صالح الحدري
15 أكتوبر 2019 عيد الجلاء، ذكرى خروج آخر جندي فرنسي من بنزرت. أتذكّر، إبّان معركة بنزرت في صائفة سنة 1961، كنت طالبا بالمعهد الصّادقي بالعاصمة. واكبت الأحداث كسائر الشبّان وكنت أستمع إلى الشّعارالذي ردّده آنذاك معظم التّونسيين في الأنهج والشّوارع: "السّلاح، الجلاء". كنت أقطن بنهج الكنز قرب جامع الزّيتونة فخرجت إلى القصبة، إلى ساحة الحكومة، فشاهدت وجود شاحنات عديدة تستقبل المتطوّعين وثلّة من أتباع الحزب الدستوري يوزّعون عليهم البنادق الحربية والذّخيرة. ثمّ كانت الشّاحنات تنطلق الواحدة تلو الأخرى في اتّجاه مدينة بنزت ليشارك المتطوّعون في المعركة. كان الإحساس بالوطنيّة يومها فيّاضا عند جلّ التّونسيين ولم أكن أملك إلّا أن أنساق مع التّيّار الغامر فتحمّست للمعركة ووددت لو أشارك فيها ولكن للأسف لم يسمحوا لي بسبب سنّي الذي لم يتجاوز السبعة عشر عاما. كان يوما مشهودا أثّر في نفسي كثيرا وأثار فيّ الوطنيّة الوهّاجة أدّت بي إلى أخذ قرار الانخراط في الجيش للدّفاع عن وطني. لكنّ أبي رفض الفكرة ولم يسمح لي بذلك. فأصررت على قراري وبقيت سنة كاملة أتوسّل إلى أبي تارة وأكتم غضبي أخرى حتّى وافق أبي رحمه الله على طلبي فسارعت بالدّخول في صفوف جيشنا العتيد في 14 أوت 1962 في ثكنة العوينة بالعاصمة. وأنا اليوم فخور بذلك. وفي 15 أكتوبر 1962 شاركت، بكلّ فخر واعتزاز، في استعراض عسكري ببنزت كتلميذ ضابط وشاهدت بالمنصّة الرّسمية الحبيب بورفيبة وجمال عبد النّاصر وأحمد بن بلّة. وكنّا نشعر بالحماسة والفخر والإعتزاز رغم المطر الغزير الذي لم يفارقنا طيلة الاستعراض. ولقد أثّر فيّ أحمد بن بلّة إذ سمعته يقول في خطابه بقوّة بالغة "نحن عرب، نحن عرب، نحن عرب" فزادني ذلك فخرا واعتزازا بأصلي العربي وبجذوري الأولى من الأنصار، من المدينة المنوّرة، وإنّي لأحمد الله حمدا كثيرا لأنّه جعلني تونسيّا عربيّا مُسلما.
عاشت تونس حرّة مستقلّة أبيّة أبد الدّهر ولا عاش فيها من خانها ورحم الله شهداء الوطن الأبرار.

قراءة 878 مرات
الدخول للتعليق
اشترك في نشرتنا الإخبارية
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…