في مثل هذا اليوم 3 جانفي من سنة : 1984 - سقط الشهيد الفاضل ساسي في مفترق نزل الانترناسيونال وشارع باريس بتونس العاصمة، خلال انتفاضة الخبز.
- الفاضل ساسي : ولد في 8 ديسمبر 1959 - استشهد في 3 جانفي 1984، (24 سنة).
- ولد بتونس العاصمة، زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة نهج كتاب الوزير وتعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي ثم التحق بكلية الآداب 9 افريل ومنوبة (شعبة عربية)، ثم عُين أستاذ تعليم ثانوي بمعهد الحبيب بورقيبة بتبرسق.
- شارك في البطولة المدرسية العالمية لكرة القدم في ايرلندا سنة 1977 كما تحصل على شهادة مسعف من الهلال الأحمر التونسي.
- علما وأنّ والده المرحوم صالح بن الكيلاني ساسي كان نقابيا ومناضلا وكاتبا عاما للنقابة العامة للعاملين في الديوان القومي للصيد البحري. وقد تعرض الى هرسلة ومضايقات من قبل النظام وتم إيقافه عن العمل مدة سنة كاملة بعد احداث 26 جانفي 1978.
- كان الفاضل ساسي قياديّا في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس وناشطا في صفوف النقابة الوطنية للتعليم الثانوي ومن مؤسسي حركة الوطنيين الديمقراطيين، كما كان شاعرا ثوريا له عديد القصائد التي نشرها له الاتحاد العام التونسي للشغل في مجموعته الشعرية ” وقدري أن أرحل” وهو مقطع من قصيدة كتبها ثلاثة أيام قبل وفاته والتي تم حجزها ولم تر النور الّا بعد سقوط نظام بن علي في 2011.
- علما وأنّ فترة الثمانينات كانت قد تميزت باحتداد الأزمة داخل السلطة وانفجار الوضع الاجتماعي والسياسي، وازدياد الرقابة على تحركات المعارضة السياسية بمختلف نزعاتها تكثفت خلالها وتيرة القمع لتشمل كل المعارضين السياسيين.
- وتزامن اشتداد وتيرة القمع مع قرار الحكومة رفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية وزيادة أسعارها وخاصة مضاعفة سعر الخبز من (80 مليم الى 170 مليم) أي بزيادة تقدر بـ 112 بالمائة تنفيذا لتعليمات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. وهو ما جعل الأغلبية من الشعب ناقمة على الحكومة وخاصة على خياراتها الاقتصادية ومستعدة لمقاومتها بكل السبل.
- أمام إصرار حكومة محمد المزالي على عدم التراجع في قرار الزيادة في سعر الخبز زادت وتيرة الاحتجاجات الشعبية الرافضة للزيادة بداية من 29 ديسمبر 1983 في دوز، ثم ببقية الجهات الداخلية التي عرفت سقوط عديد القتلى والجرحى لتنتقل إلى تونس العاصمة بدخول أعداد غفيرة من الطلبة والتلاميذ والنشطاء المدنيين والحقوقيين والسياسيين المعركة وقد شهدت المواجهات أوجها يوم 3 جانفي 1984 وخاصة في العاصمة.
- خيّر فاضل ساسي البقاء بالعاصمة على الرغم من انتهاء العطلة المدرسية آنذاك وآثر عدم العودة الى العمل بتبرسق للمشاركة في مسيرات طلابية ضخمة رافضة لقرار الحكومة.
- وفي مثل هذا اليوم 3 جانفي من سنة 1984 عُقِد اجتماع طلابي ضخم بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس انضمّ اليه طلبة مختلف الكليات والمعاهد ليتجاوز العدد 6 آلاف طالب وليقرر حينها المجتمعون التوجه الى قلب العاصمة مرورا بالاحياء المحيطة بالمركب الجامعي والتي لم يتردد سكانها في الانضمام اليها شيبا وشبابا ونساء لتتحول المسيرة الطلابية الى مسيرة شعبية ضخمة سارت عبر الانهج والمفترقات في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة.
- كان فاضل ساسي أحد قيادات المسيرة وكان يحث الجميع على التقدم وعدم الخوف من التعزيزات الأمنية المكثفة التي بدأت تظهر بزيادة اقتراب المتظاهرين من شارع الحبيب بورقيبة وبوصوله الى مفترق نزل الانترناسيونال (نزل الهناء الدولي حاليا) تم استهدافه من قِبل عون أمن كان مُشهرا سلاحه الفردي ولا يبعد عنه سوى 30 او 40 مترا تقريبا ليتلقى رصاصة مباشرة في صدره أسقطته أرضا.
- وقد كان المصور الفوتوغرافي الحبيب هميمة لحظتها بصدد التقاط صور المظاهرة من مكتب أحد المحامين الموجود قبالة مفترق شارع باريس ووثق إصابة الفاضل ساسي وسقوطه بثلاث صور.
- هرعت احدى المشاركات في المسيرة نجوى بن سعيد اليه ونقلته صحبة شخصين آخرين الى مستشفى الحبيب ثامر أين أُعلمت بوفاته ثم تولت فيما بعد إعلام أحد أصدقاء عائلته بالوفاة..
- حاول والد فاضل ساسي الحصول على جثة ابنه من المستشفى الا انه منع من ذلك واشترطت عليه السلطات أن يتم تغسيله بالمستشفى وأن تحضر عائلته المصغرة فقط الى مقبرة الجلاز يوم 7 جانفي 1984 موعد دفنه.
- إلاّ ان خبر وفاته وموعد دفنه سرعان ما سرى بين الطلبة الذين حضروا بأعداد غفيرة للمقبرة صاحبَها حضور مكثف لأعوان الأمن بالزي الرسمي وبالزي المدني مع وجود مروحية عسكرية صاحبت عملية الدفن وبقيت تحوم حول المقبرة إلى حين مغادرة الجميع للمقبرة.
- اضطر والد فاضل ساسي الى الإمضاء يوميا بمركز الأمن بالقصبة ومُنع من الحديث مع أيٍّ كان حول سبب وفاة ابنه وتكررت المداهمات الليلية من قبل قوات الأمن لمنزله طيلة سنوات.
- علما وأنّ عائلة فاضل ساسي اكتشفت بعد عدة سنوات أن مضمون وفاة المرحوم وقع تزويره وذكر في خانة تاريخ ولادته انه مولود سنة 1891 أي أنه يوم وفاته كان شيخا تجاوز سنه 91 عاما بينما الحقيقة أنّه مولود سنة 1959..!
- ألّفت مجموعة الأزهر الضاوي أغنية خالدة باللهجة التونسية في اغتيال الفاضل ساسي :
لاش تقولو مات الفاضل
ما تقولوش الفاضل مات
الفاضل في قمحك يا سبولة
في الزيتونة في النخلات
الفاضل يا نوار اللوزة
فاتح في غريق الجرات
شرار النور في ليلة دامسه
سربة في حلق البايات
ماشي واحد طالع خمسة
فاتح في طريق الحياة..
# أسامة الراعي #